لسنوات طويلة كان بناء مسكن في المملكة يمر عبر الطرق التقليدية، الحصول على قرض سواء حكومي أو غيره، والبحث عن الأرض.

وتأتي بعد ذلك مرحلة التصميم، التي تتحكم فيها عوامل اقتصادية واجتماعية كثيرة، لكنها في الغالب تصب في اتجاه رفع تكلفة البناء، ولا تدعم أي حلول مستدامة على صعيد استهلاك الطاقة، فضلا عن كونها تتم باجتهادات شخصية.

المرحلة الأخيرة، مرحلة البناء التي تبدأ مع رحلة البحث عن مقاول (قطاعي)، وهم غالبا من العمالة، ثم الدخول في نفق التعثر، والتعطل، والأخطاء الهندسية، أو الغش وخلافه.

صحيح أنها في المحصلة مبان حديثة تستخدم الخرسانة، والزجاج، وأحدث التشطيبات، لكنها في النهاية حلول مستهلكة وتقليدية، ولا تواكب التطورات العالمية في هذه المجالات، لكن ما البديل؟

في الحقيقة.. إنه حتى إلى فترة قصيرة جداً – ربما لا تتجاوز العام – لم يكن هناك بديل يعتمد عليه محلياً، قبل إطلاق مبادرة تحفيز تقنية البناء، التي كانت ضرباً من الخيال عند كثيرين، وباتت كما يقال “تنقش في الحجر” لتثبت وجودها، إذ أتت في وقت والطلب عليها يكاد يكون معدوما، والسبب طبعاً يكمن في عدم وجود برامج تدعم هذا الاتجاه، وتأتي أيضاً والمستثمرون والمصنعون في هذا المجال لن يقتنعوا بضخ أموالهم في تقنيات ربما لا تجد طلبا في الظروف الطبيعية.

المبادرة تعتبر من مبادرات تحفيز القطاع الخاص، التي يعمل على تنفيذها برنامج الإسكان، وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، واللذان يعدان من أهم برامج رؤية المملكة 2030، ومسند إليهما إيجاد حلول ذكية لقضية الإسكان تعمل على أكثر من مجال.

وتتشارك مع جهات أخرى لتشجيع المصنعين والمستثمرين لإدخال هذه الصناعة في البلاد، وضخ أموال تصل إلى 70 في المئة من تكلفة إنشاء مصنع جديد لتقنية البناء، أو توسعة مصنع قائم، والعمل على جلب أحدث التقنيات الحديثة.

وفي الجانب الآخر، تعمل على رفع وعي المجتمع باستخدام هذه التقنيات التي ستوفر عليهم الأموال من خلال تخفيض التكاليف، وإيجاد حلول مستدامة لعملية استهلاك الطاقة، والأهم هو حمل هم مرحلة البناء عن المستفيد، من خلال إيجاد شركات رائدة في هذا المجال تتولى هذه العملية.

هل هذه كل القصة؟ الحقيقة: لا، جزء من القصة يعنى بتوطين هذه التقنيات، وهذا معناه أن عملية التصميم، والبناء، والتنفيذ ستتحول من الموقع إلى المصنع، وهناك يمكن خلق فرصة عمل للسعوديين والسعوديات، ما يعني إمكانية الاستغناء عن العمالة الوافدة الرخيصة التي كانت تستفيد من كون عملية البناء تتم بالأعمال اليدوية، حيث تتحول الصناعة إلى الميكنة، والتصنيع الحقيقي.

المصدر: جريدة الرياض