الذكاء الاصطناعي وإحياء الزخرفة في العمارة

Andy Shaw

قبل 115 عامًا، تم الانتهاء من مدرسة غلاسكو للفنون التي صممها تشارلز ريني ماكينتوش. وبعد قرن من الزمن، تم اختيارها من قبل الجمهور البريطاني في استطلاع للرأي أجرته RIBA كأفضل مبنى في البلاد. لقد كانت اندماجًا رائعًا بين العملية والاستخدام البديع للزخرفة والحرفية. للأسف، احترقت قبل ست سنوات، ولكن روحها يمكن أن تستمر مع ازدهار تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي والتصنيع الرقمي، مما يمهد الطريق لجيل جديد من الزخرفة في العمارة.

في نفس العام الذي اكتمل فيه بناء مدرسة ماك، كتب أدولف لوس كتاب “الزخرفة والجريمة”، مما شكّل لحظة محورية في ولادة الحداثة. هذا التحول الثقافي، إلى جانب التصنيع التكنولوجي للبناء، دفع إلى التحول نحو الحداثة كقوة مهيمنة في العمارة، مما أدى إلى التخلي عن العناصر الزخرفية التعبيرية في المباني.

ومع ذلك، أعتقد أن هذه كانت اللحظة التي فقدت فيها مهنة العمارة الاتصال مع الجمهور. في برشلونة، تتدفق الحشود لرؤية كنيسة ساغرادا فاميليا، بينما يقوم المعماريون برحلة لرؤية جناح برشلونة الذي صممه ميس فان دير روه.

يكاد يكون كل معماري يمارس المهنة اليوم قد تعلم مبادئ الحداثة كأساسيات معمارية، حيث تلقى معلموهم التعليم ضمن ثقافة المبادئ الحداثية.

أعتقد أن تغييرًا بدأ يحدث، مدفوعًا بصدع على طول الخطوط الفاصلة الثقافية والتكنولوجية الجديدة.

الذكاء الاصطناعي يمكّن من تصميم مبانٍ أكثر تعبيرًا، تدمج مجموعة متنوعة من المرجعيات الثقافية لخلق لغة معمارية جديدة تتجاوز النهج التقليدي للعمارة في الزخرفة.

القفزة من الصور الاستكشافية على الشاشة إلى المباني الواقعية بتكلفة معقولة، أصبحت ممكنة بفضل التقدم في تكنولوجيا التصنيع الرقمي. يشمل ذلك الطباعة ثلاثية الأبعاد، والروبوتات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والتفريز الرقمي باستخدام التحكم العددي CNC. كانت العناصر المنقوشة شائعة في المباني خلال السنوات الأخيرة، ولكن سيحل محلها قريبًا مبانٍ ذات عمق وتنوع سطحي أكبر، تذكرنا بالمباني المصنوعة يدويًا في فترتي الفن الجديد “Art Nouveau” والفن الزخرفي “Art Deco”.

أصبح من الممكن تقنيًا وتجاريًا الآن إنشاء واجهات تحتوي على قطع فريدة تتميز بالعمق والملمس والتنوع. هذا يمثل تحولًا كبيرًا من المباني التجارية المسطحة والمتكررة التي دفعتها تغييرات صناعة البناء التي بشّرت بالحداثة.

إحدى أهم مزايا هذه التقنيات هي قدرتها على تخصيص الزخارف وفقًا للمتطلبات المحلية والموقعية. يمكن لأدوات التصميم المدعومة بالذكاء الاصطناعي أن تولد عناصر زخرفية مخصصة تلبي الاحتياجات الخاصة والسياقات الثقافية. يتماشى هذا التكيف مع الطلب المتزايد على المساحات الفريدة والمُعبرة، مبتعدًا عن التماثلية التي غالبًا ما ترتبط بالتصميم الحداثي.

تفضيل الجمهور للعمارة الأكثر زخرفة واضح في العديد من الاستطلاعات والدراسات. فغالبًا ما يربط الناس الزخرفة بالجمال، والدفء، والغنى الثقافي. وتميل المباني التي تحتوي على عناصر زخرفية إلى إثارة استجابات عاطفية أقوى وخلق إحساس بالمكان والهوية. في البيئات الحضرية، تساهم هذه الهياكل الجمالية في الرفاه العام للسكان وتعزز ارتباطًا أعمق مع محيطهم.

العمارة من دون زخرفة وتفاصيل تعبيرية مثل الموسيقى من دون التريبل “النغمات العالية”. لقد استنزفت الحداثة الحياة والروح من المباني، مما أضر ببيئتنا المبنية. سيطرت الحداثة بشكل خاص في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأوروبا. وعلى النقيض من ذلك، فإن المباني المعاصرة التعبيرية ذات السطوح المعقدة أكثر شيوعًا في آسيا والشرق الأوسط.

ستُمكن التقنيات الناشئة المدعومة بالذكاء الاصطناعي من تعبير أغنى وأكثر تفصيلًا للعمارة الزخرفية، مع عمق وحجم ثلاثي الأبعاد يشبه المباني الشهيرة المصنوعة يدويًا من قبل لويس سوليفان، وفرانك لويد رايت، وجيل الفن الجديد “Art Nouveau”.

ومع ذلك، ستوفر هذه الأدوات الرقمية والثقافة الحالية لمسة جديدة وتعبيرًا معاصرًا مع تكرار أقل، بدلاً من مجرد إعادة زيارة الماضي. سيؤدي هذا إلى لغة رقمية محلية، مما يعكس الاتجاه الذي يجعل المباني الحديثة في المدن الكبرى كلها تبدو متشابهة.

المصدر: bdonline

Related posts

هل تطل أزمة “السكن” بوجه جديد؟!

تقنيات البناء

هل يمكن أن تجعل الروبوتات المستقلة البناء أكثر استدامة؟