علي الشدي
كان كاتب الرأي في الماضي يُحار، لأنه لا يجد موضوعا يستحق أن يكتب فيه، وهذه مشكلة كان يواجهها الكاتب المنتظم والملتزم بمقال يومي أو أسبوعي بالذات. أما اليوم، فإن كاتب الرأي يُحار أي موضوع يختار، وقد واجهت الاختيار الصعب عند جلوسي لكتابة هذا المقال، فهناك المؤتمرات والاجتماعات على جميع المستويات وحول قضايا لها تأثير محلي وإقليمي وعالمي وجميعها عقدت في الرياض، وهناك زيارات لأهم زعماء العالم، وآخرهم الرئيس الروسي الذي يجد في السعودية وسيطا محايدا ومؤهلا للإسهام في إيجاد الحلول للقضايا الإقليمية والعالمية، وشريكا له مكانة عالمية مرموقة في عالم الاقتصاد والسياسة. ثم صدور موازنة الدولة الجديدة، فإذا هي تحمل بشائر بمزيد من الحراك والتأكيد على أن الدولة مستمرة في الإنفاق، كما قال الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، في تعليقه عند إقرار الموازنة، إن الحكومة ملتزمة بتعزيز النمو الاقتصادي عبر التوسع في الإنفاق الحكومي.
أمام هذه الموضوعات المهمة التي وجدت تغطية شاملة من وسائل الإعلام ومن الزملاء الكتاب، اخترت الكتابة عن العقار بمناسبة انعقاد القمة العالمية لقادة العقار في دورتها الـ42 في مدينة الرياض، التي ستصبح في المستقبل القريب عاصمة العقار العالمية. وقد ناقشت القمة التحديات في الصناعة العقارية. وتلك الصناعة بدأت ببلادنا قبل نحو ستة عقود وكانت على شكل هواية مارسها البعض في وقت فراغهم، وحقق عديد منهم وقت الطفرة الأولى لأسعار العقار ثروة شجعت آخرين على دخول المجال متفرغين.
عرف بعضهم بالسمعة الحسنة والأمانة، وما زال منهم أعلام في قطاع العقار، ولا أريد أن أذكر الأسماء لئلا يسقط من الذاكرة بعض الأسماء المهمة. وعودة إلى قمة العقار العالمية التي شهدت توقيع عديد من الاتفاقيات العقارية بين كبار المستثمرين السعوديين ومستثمرين من دول عالمية طورت صناعة العقار، ما يمكن أن يستفيد منها العاملون في المجال العقاري السعودي، ويساعد على ذلك البيئة التقنية والتطبيقات الإلكترونية المستخدمة في بلادنا بشكل ملحوظ ويفوق معظم دول العالم. وأكد ماجد الحقيل وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان، على الالتزام بتطبيق أفضل الممارسات العالمية في صناعة العقار، أما المهندس عبدالله الحماد رئيس الهيئة العامة للعقار، فقد أكد أننا في المملكة نملك المرونة والجاهزية والفرص من خلال منظومة التشريعات العقارية التي تتلاءم مع متطلبات السوق والشركاء وتضمن إيجاد صناعة عقارية ناجحة ومستدامة.
أخيرا، تأكيدا لمكانة السعودية في السوق العقارية العالمية تقرر تأسيس مكتب للأمانة العامة للاتحاد الدولي للعقار في مدينة الرياض، وكذلك إطلاق المركز العالمي للإعلام العقاري في الرياض أيضا. وذلك لربط وسائل الإعلام الإقليمية والدولية بعدة لغات، لكي يسهم في وصول الرسائل العقارية الإعلامية لجميع أنحاء العالم بأسرع ما يمكن. والأهم من ذلك تقديم برامج متخصصة ومعتمدة في القطاع العقاري بالشراكة مع جامعة أكسفورد، لكي تواكب التطور العقاري، وكذلك إطلاق جائزة التميز العقاري العالمية من المملكة، واعتماد خدمة التقارير الاستشارية والمؤشرات العقارية العالمية، وإدخال اللغة العربية ضمن اللغات المعتمدة في الاتحاد الدولي للعقار.
خلاصة القول، هنيئا للعاملين بجد وتفرغ في مجال العقار، فقد فتحت لهم أبواب العالمية عبر صناعة العقار المتطورة.
المصدر: الاقتصادية