233
أبنية – الرياض
أعرب المستشار الاقتصادي، الرئيس التنفيذي لمركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية والإدارية الدكتور علي بوخمسين عن ثقته التامة بأن القطاع العقاري في المملكة سيصبح أهم القطاعات الجاذبة للاستثمارات والرساميل الأجنبية، وعزا ثقته تلك إلى التنظيمات والتشريعات والتغير الهيكلي الذي صدر لتطوير بيئة القطاع العقاري والسوق العقارية ليتماهى مع رؤية المملكة 2030. وتناول د. بوخمسين جملة من الموضوعات العقارية المهمة، وذلك في حوار أجرته معه “الرياض”، فإلى نص الحوار:
السوق العقاري والتشريعات
- بداية نود معرفة ماذا يحدث في السوق العقاري في المملكة لا سيما مع ما نشهده من كثرة التشريعات والأنظمة لتنظيم السوق؟
- من المتوقع أن يصبح القطاع العقاري أهم القطاعات الجاذبة للمستثمرين بالمملكة في ظل التنظيمات والتشريعات والتغير الهيكلي في التشريعات والأنظمة الجديدة الصادرة لتطوير بيئة القطاع العقاري والسوق العقارية وفقاً لمستجدات الرؤية الوطنية وجودة الحياة الشاملة ومن حيث تحسين مستويات العوائد الاستثمارية المحققة للمستثمرين والحوكمة الإدارية لضمان سلاسة تدفق التمويلات اللازمة لإطلاق مشروعات استثمارية عقارية جبارة تستطيع استقطاب استثمار أجنبي ضمن بيئة آمنة جاذبة للاستثمار، وإدخال نظم وتشريعات تمويلية جديدة إلى السوق العقارية بالمملكة كنظام الرهن العقاري، وصناديق الريت، والبيع على الخريطة، وصولاً للنقلة النوعية المتمثلة في إطلاق مشروع البورصة العقارية، ما يسهم في ارتفاع معدلات الطلب على المنتجات العقارية في ظل تزايد حجم وتنوع الفرص الاستثمارية العقارية في المملكة واتساعها مع التطورات الهائلة في حركة الاستثمارات وتدشين المشروعات الاقتصادية الضخمة في ظل رؤية المملكة 2030 لتنمية القطاع العقاري ونمو القروض العقارية وعمليات التمويل العقاري وارتفاع نسب النمو الاقتصادي في المملكة وفي ظل محدودية المخاطر، وبالتالي اتساع حجم السوق المتاح، وتزايد أعداد القطاعات المستفيدة من المنتجات العقارية النهائية، هذا إضافة إلى المبادرات التي أطلقتها وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان تماشياً مع رؤية المملكة الرامية للنهوض بهذا القطاع ومن يسهم في انتعاش قطاع الاستثمار العقاري بالمملكة في الفترة المقبلة خاصة بعد زوال جائحة كورونا، حيث من المعلن عنه أنه بلغت مساهمة قطاعي الأنشطة العقارية والبناء والتشييد بما يعادل 115 مليار ريال خلال فترة برنامج الإسكان 2018- 2020م، وقد بلغ استثمار القطاع الخاص في القطاع العقاري أكثر من 254 مليار ريال في عام 2020م .
- ما دور الهيئة العامة للعقار وأهمية وجودها كجهة تنظيمية حالياً لتطوير أداء السوق العقارية؟
- لقد أدى استحداث الهيئة العامة للعقار لسد الفجوة التنظيمية الموجودة سابقاً، وقد استطاعت قيادة القطاع العقاري بنجاح واقتدار ملموس عبر إطلاق عدد من المبادرات ومنها نظام التسجيل العيني للعقار، ونظام الوساطة العقارية، ونظام المساهمات العقارية، ونظام ملكية وفرز الوحدات العقارية وإدارتها بالإضافة لقيام الهيئة بمبادرة الاستراتيجية الشاملة لتطوير القطاع العقاري ووضع خطة عمل لتحسين البيئة العقارية، وإطلاق منصة المؤشرات العقارية، وتوقيع اتفاقية مع وزارة العدل لتبادل البيانات وبناء المؤشرات العقارية لتسرّع من عملية تبادل البيانات، وإصدار المؤشرات لغرض تنمية القطاع العقاري، كما قامت الهيئة بالتنسيق مع عدد من الوزارات أتمتة التعاملات بين وزارة العدل والهيئة العامة للعقار لرفع كفاءة القطاع العقاري وبما يشجع على الاستثمار فيه ويتفق مع أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وزارة العدل والعقار
- ما دور وزارة العدل في تحسين البيئة العامة للقطاع العقاري ودعم هذا القطاع؟
- تسهم وزارة العدل في تطوير المجال العقاري بما يعزز من حضوره الاقتصادي وينعكس على حراكه التجاري وفق بيانات معتمدة وموثوقة تتم من خلال أحدث الوسائل الرقميّة المتقدّمة، مما مكن المواطن والمستثمر العقاري من فرصة التعرف على تفاصيل المؤشرات العقارية عبر بوابة وزارة العدل الإلكترونية، لإتاحة الفرصة للمستثمر لمتابعة التضخم في قطاع العقار وبحث وتتبع الركود والحراك العقاري، بما يعزز من مبدأ الشفافية في السوق العقاري، ولا شك أن هذه الإنجازات ساهمت بقوة في خلق بيئة شفافية تامة للسوق العقارية وتيسير إجراءات الإفراغ والتوثيق وهذه في غاية الأهمية لخلق سوق عقارية ناجحة وقابلة للمراقبة والتحليل لأدائها بما يسهم في زيادة جاذبيتها الاستثمارية بدرجة عالية.
- ما أبرز إنجازات لجنة تصفية المساهمات العقارية بالمنطقة الشرقية؟ وما أثرها على السوق العقارية؟
- منذ تشكيل هذه اللجنة وهي تمارس دوراً فعالاً في حل قضايا المساهمات المتعثرة، ونجحت في ذلك نجاحاً بارزاً في حل مشكلات المساهمين فيها ممن تجمدت أموالهم لسنوات طويلة لأغلب المساهمات المتعثرة بالمنطقة الشرقية لا سيما ممن لها علاقة بمحجوزات أرامكو، حيث نجحت في حل قضايا لمساهمات تجاوزت مساحة بعضها تسعة ملايين متر مربع، وقد بلغ مساحة المساهمات العقارية المتعثرة التي تم حلها في المنطقة الشرقية نحو (17.963.314) متراً مربعاً، وهي تشكل ما نسبته قرابة 62 % من إجمالي المساهمات المتعثرة في المملكة بما يقدر بقرابة ( 29.000.000 ) متر مربع، ويقدّر قيمتها الإجمالية لتلك المساهمات بأكثر من 9 مليارات ريال، وسيسهم حلها في زيادة الرقعة الجغرافية السكنية، وهي غالباً داخل النطاق العمراني المرخص به بما يسهم في ضخ كميات كبيرة من الأراضي للسوق العقارية، وستؤدي لسد جزء من الطلب القائم وستترك أثراً إيجابياً على اتجاهات أسعار الأراضي بالمنطقة.
- كيف ستلعب البورصة العقارية في تحسين أداء السوق العقاري؟
- إطلاق البورصة العقارية سيسهم في تحسين بيئة القطاع العقاري وتزيد من جاذبيته الاستثمارية، وبالتالي تحسين أداء القطاع العقاري وعكسها لنشاط السوق العقاري وأرقامه بكل شفافية ووضوح، وبالتالي بث الطمأنينة في السوق العقاري، حيث ستقضي على المزايدات الصورية والممارسات السلبية من خلال البيع في الصكوك، ومن المتوقع أن ينتعش القطاع العقاري عبر زيادة الطلب وستخلق ثقة كبيرة في الاستثمار في الأصول العقارية، بحيث يتم تداول الملكية العقارية عبر بورصة ومنصة رقمية متكاملة، تضمن دقة المعلومة وثقة الصكوك المتداولة فيها وسرعة تبادلها، كما ستحد البورصة من النزاعات العقارية خاصة في جانب الصكوك والعقود العقارية عبر توثيق الصكوك والعقود العقارية، وستوفر قاعدة بيانات في مخزون الأراضي التي يتم تداولها داخل البورصة، كما ستسهم في ضبط أسعار العقارات، والأمر ذاته ينسحب على القيم الإيجارية، مؤكداً على أهمية أن تتحرك البورصة بعيداً عن المضاربات، وأن تكون شفافة خاصة في جانب تثمين العقارات في ظل وجود خبراء يقدمون أسعاراً واقعية. وسيكون نموذج البورصة العقارية السعودية عبر تبادل إلكتروني ستخصص لإنجاز عمليات البيع للسلع العقارية الطبيعية التي تباع كوحدة كاملة بصك قابل للنقل وهذه ستكون غالباً المرحلة الأولى لإطلاق عملية تشغيل البورصة، وقد أعلن معالي وزير العدل أنه سيتم التعامل بشريحة من شركات الاستثمار والتطوير العقاري المدرجة بالسوق السعودي “تاسي” بإدراجها ضمن عمليات تداول البورصة العقارية، وبطبيعة الحال إنه ومع زيادة حجم التبادلات العقارية عبر البورصة سيتم التوسع فيها بإدراج المزيد من الشركات العقارية وربما لاحقاً التوسع بإدراج كافة الأدوات والمنتجات التي يمكن التداول فيها في مثل هذه السوق العقارية الإلكترونية.
الريتات العقارية
- إلى أي مدى سينعكس وجود القطاع العقاري في السوق المالية؟
- هناك نية للتوسع في هذا المجال، كما سيكون هناك توسع في استخدام أدوات السوق المالية المتاحة به ضمن التشريعات الحديثة لهيئة سوق المال بتوظيفها بشكل فعال في دعم مشروعات الاستثمار العقاري بما يعزز من نجاحات القطاع العقاري في خلق مشروعات عقارية تحقق متطلبات التنمية الاقتصادية والمجتمعية، وتخلق قنوات استثمار آمنة تتيح للمواطن الاستفادة من حيازة وتملك حصص في مثل هذه المشروعات الضخمة، فإدراج القطاع العقاري في سوق الأسهم المالية خطوة لها تأثيرات إيجابية على السوق العقاري، وجذب الاستثمار الأجنبي للسوق العقارية السعودية، ولا يمكن إغفال دور صناديق الريت العقاري التي أدت إلى تجاوز أزمة الجمود في السوق العقاري، وما أعلنته حكومتنا -أيدها الله- من عزمها القيام بطرح صناديق ريت عقارية حكومية ما هو إلا توجه بزيادة حجم هذه القناة الاستثمارية المالية المهمة وتوظيفها لدعم حجم السوق العقارية ورفد هذه السوق بمجموعة من المشروعات الحكومية العملاقة بطرحها كصناديق ريتات حكومية عقارية يتم تداولها في السوق المالية السعودية من قبل المستثمر المحلي والعالمي.
- هل نجحت الشركات العقارية في تأسيس مشروعات عقارية ضخمة؟
- نعم، حيث نشهد قيام العديد من الشركات المملوكة للقطاع الخاص بإنشاء مشروعات استثمار عقاري في مختلف قطاعات التطوير العقاري السكني والسياحي والترفيهي والتجاري، وإقامة مزادات لبيع أراض ٍبيضاء أو مطورة أو مشروعات عقارية بأرقام كبيرة، وما كان هذا الأمر ليحدث لولا وجود سوق عقارية واعدة ومبنية على أسس متينة وتوافر داعمة مما زاد من حجم التداولات في القطاع العقاري، وإذا ما نظرنا لمخرجات الرؤية العقارية العملاقة مثل مشروع نيوم وذا لاين والقدية والبحر الأحمر وأمالا، وهي ذات صبغة عقارية ستقوم بدعم قطاعات اقتصادية حيوية مثل السياحة والترفيه بشكل مباشر وقطاعات اقتصادية أخرى بشكل غير مباشر بجانب قيامها بخلق فرص وظيفية كبيرة من حيث العدد والعائد المادي المتوقع، هذا فضلاً عن دورها الحيوي والبارز في استقطاب استثمارات مالية محلية وأجنبية كبيرة نظراً لضخامة هذه الاستثمارات المالية كرؤوس أمول لهذه المشروعات العملاقة.
- ما دور صندوق الاستثمارات السعودية في دعم وجود قطاع عقاري وسوق عقارية سعودية واعدة؟
- لا شك في أن حضور الذراع الاستثمارية الكبرى لحكومة المملكة بالسوق العقارية، وإعلانه عن تعزيز دور القطاع العقاري، هو في حد ذاته مكسباً كبيراً لتعزيز الثقة بالقطاع العقاري، ومدعاة للتحقق من جودة السوق العقارية السعودية وكفاءتها وجاذبيتها الاستثمارية، كما أن إعلانه عن إنشاء شركات عقارية تابعة للصندوق ستقوم بتقديم خدماتها عبر دائرة السوق العقارية، وكذلك إنشاء مشروعات عقارية سكنية واستثمارية عديدة في مختلف مناطق المملكة سيعزز من أداء السوق العقارية وزيادة جودة خدماتها، وسيزيد من حجم مساهمة القطاع العقاري في الناتج الوطني كما هو مستهدف ضمن رؤية 2030، هذا إضافة إلى مبادرة الصندوق الخاصة بتطوير المشروعات في القطاعين الشمالي والشرقي والتي تغطي عشرة مشروعات أهمها مشروع أمالا، الذي يعد من أفخم المشروعات السياحية بالمملكة بتوفير 25 ألف غرفة فندقية فاخرة، وتطوير 3 مراسي رئيسة على امتداد 13 ألف كيلومتراً مربعاً، هذا بالإضافة إلى مبادرة تهدف إلى إنشاء شركات جديدة وتطوير الشركات الحالية، وإنشاء شركات التطوير العقاري، والتشييد والخدمات وتأثيرها الإيجابي على قطاع الإسكان بالمملكة والمساهمة في زيادة نسبة التملك إلى 70 % بحلول العام 2030م.
سوقنا العقاري والعالم
- هل كان لهذا التطور في السوق العقارية انعكاساً ملموساً على الأسواق العالمية والمستثمر الأجنبي؟
- ما شهدته السوق العقارية السعودية والسوق المالية من إنجازات استقطبت أسواق المال العالمية وكبريات شركات ودور التقييم والخبرات العالمية مثل شركة فوتسي راتسل، التي أصدرت قبل أيام فقط توصياتها باعتماد إدراج أكثر من 60 صكاً من الصكوك بقيمة لا تقل عن 60 % من قيمتها السوقية المرجحة الصادرة عن السوق السعودية للتداول لديها بما يؤشر بشكل فعلي على اهتمام الأسواق المالية العالمية والمستثمر الدولي بدرجة كبيرة بالاستثمار في السوق المالية السعودية وقناعته بالتوجه الإيجابي لأداء هذه السوق وجودة مخرجاتها بدليل اهتمامه بمثل هذه الإصدارات والتداول فيها.
- هل استفادت السوق العقارية بالمنطقة الشرقية من قفزات السوق العقارية؟ وما أبرز المستجدات فيها؟
- نعم استفادت، لذا قام بعض رجال الأعمال العاملين في التطوير العقاري بالتقدم لهيئة سوق المال لتأسيس صندوق استثمار عقاري يخدم أغراض التنمية والتطوير العقاري ويكون محققاً لمتطلباتهم التنظيمية، كما أن إطلاق صندوق استثمار عقاري لتطوير منطقة سكنية بالأحساء عبر إطلاق صندوق الأحساء العقاري بحجم 755 مليون ريال خير مثال، كما أنه يعد خطوة مهمة نحو تعزيز الاستثمار المستدام في إطار تطوير المجتمعات السكنية الحيوية بمحافظة الأحساء من خلال توفير خيارات جاذبة للاستثمار وتحقيق عوائد من أصول عقارية مستدامة بما يساهم في تعزيز التنمية العمرانية والحضرية في محافظة الأحساء، كما أنه يعد من المؤشرات المهمة الدالة على توقع اتساع حجم السوق العقاري بمحافظة الأحساء والمنطقة الشرقية بوجه عام، وذلك من خلال إتاحة الصندوق الفرص الاستثمارية للمستثمرين في المجال العقاري، كما أعلن سابقاً عن إطلاق صندوق خاص برأس مال 100 مليون ريال يحمل اسم صندوق “نمو الأحساء للتطوير العقاري” والصندوق يهدف إلى تطوير أرض على مساحة 250 ألف متر مربع بالأحساء، وتحويلها إلى فلل سكنية بقيمة إجمالية تصل إلى 440 مليون ريال .