د. عبدالله آل دربه
علاقتي في الفترة الحالية بجمعية ترميم للتنمية وقربي من الأسر المحتاجة للسكن وكذلك فريق العمل في الجهة المشرفة فنياً على الجمعية وهي الوحدة الإشرافية بوزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان أتاح لي فرصة مميزة للاطلاع على تجربة الإسكان وقضية الإسكان التي تشغل بال الكثير من أبناء وبنات الوطن.
لم يكن بمقدور اي مواطن في المملكة العربية السعودية أن يمتلك مسكن خاص به وبأسرته، الا في حالتين الأولى مقدرته او مقدرة عائلته على شراء ارض والبناء عليها أو في حالة الحصول على قرض من صندوق التنمية العقارية تصل فترات الانتظار للحصول عليه من 15 إلى20 سنة.
بعد انطلاق برنامج الإسكان عام 2018 ضمن رؤية المملكة 2030 بهدف خلق بيئة حيوية للأسر السعودية والمجتمع ككل اختلف الأمر كثيرا، فقد ركّز البرنامج منذ البداية على وضع معايير جديدة لتطوير قطاع الإسكان وتمكين الأسر السعودية من الحصول على خيارات سكنية وحلول تمويلية متنوعة تسهم في زيادة نسبة تملك الأسر السعودية للمسكن الأول ويحقق الأمن الاجتماعي والاستقرار النفسي لهم.
التمكين
حاليا وبعد وجود عدة خيارات امام المواطن السعودي فإنه يستطيع أن يقرر حصوله على المسكن الملائم مباشرة، حيث التنوع في برامج الدعم السكني تحت إشراف وإدارة ومسؤولية وزارة الإسكان والشؤون القروية، ما بين:
– وحدات سكنية جاهزة ومتاحة في السوق العقارية الحرة في المناطق.
– بناء ذاتي، لمن لديه أرض ويرغب في البناء وهو برنامج تمويل بناء ذاتي، من خلال تمويل عقاري.
– وحدات جاهزة تقدمها وزارة الإسكان، ضمن برنامج قامت الوزارة بتطويره وتنفيذ أعمال البناء المباشر له.
تغيير الفكر
اتذكر عندما استلم معالي الوزير ماجد الحقيل وزارة الإسكان العام 2015 تحدث عن ان مشكلة الأسكان هي فكر وإن الفكر جانب مهم في معالجة الإسكان، فالإسكان ليس مشكلة موارد، وليس مشكلة أراض، هو مشكلة فكرة، إن استطعنا معالجة هذا الفكر استطعنا معالجة الإسكان بالكامل.
وعلى الرغم من ان تصريح معاليه قوبل بانتقادات كبيره في حينه الا اني كنت أوافقه الرأي فثقافة الشعب السعودي كانت تتمحور سابقا في مواصفات عالية غير واقعية لامتلاك مسكن قد تفوق احتياجاته يكون عبارة عن فلة 400 متر أو 500 متر فيها دورين دور قد يكون شبه مهجور ودور للسكن ومرافق للأطفال، فأكتشف المواطن مع مرور الزمن وعن قناعة بانه لا يحتاج الى كل ذلك وبان فكرة الشقق وفكرة الكاوبدنات والتنوع في اشكال السكن امر يناسب كل القدرات ويلبي كل الاحتياجات .
الحلول المبتكرة
اليوم ومع تعدد الخيارات والحاجة الملحة لمسألة السكن يجب أن يكون لدينا استجابة سريعة لمتطلبات العصر بالذات لمن تقف امامهم ازمة الماديات والتكاليف العالية.
فلماذا لا يكون لدينا في وزارة الإسكان جزء من فتح المجال لصناعة الإسكان بالطرق الحديثة والحلول المبتكرة في بناء المنازل والتي اثبتت كفاءتها وقدرتها على ايجاد حل لتوفير السكن الملائم للمواطنين، منها منازل البيوت الجاهزة للتركيب مسبقة الصنع والتي يتم تصميمها خارج الأرض المخصصة للبناء، بحسب الطلب والحجم والمتوافقة مع قدرة الشخص وبعد الانتهاء من تصميمها يتم شحنها إلى المكان المراد وجود البيت فيه وتركيبها بكل سهولة وسرعة وقابلة للنقل بإشراف كامل على جودتها من وزارة الإسكان والشؤون القروية كون القطاع العقاري في ازدهار مع مخططات المملكة لرؤية 2030.
ومن هذه النماذج البيوت المصنوعة من الخشب والبيوت الخرسانية وغيرها من الحلول التي سبقنا الغرب في استخدامها والتي يمكن نقلها الي اي مكان او حتى بيعها في حال استطاع المالك أن يبني منزلا أفضل.
أخيرا
ادعو وزارة الشؤون البلدية والقروية الإسكان للعمل والاهتمام بأمرين في غاية الأهمية:
توسيع رقعة ثقافة التعاون من أجل توفير سكن ملائم لكل الناس بين اوساط شريحة كبيرة لمتوسطي الدخل والتي هي بحاجة لخدمات الوزارة لإسكان تنموي ومستدام كما هو الحاصل مع أسر الضمان الاجتماعي والأسر الفقيرة.
أنسنة المدن السكنية وان لا يقتصر الدور على الاهتمام بالمباني دون أن تتوفر في المناطق السكنية كل مقومات الحياة والمساهمة في إيجاد بيئة صديقة مستدامة للمواطنين للعيش برفاهية.
والله من وراء القصد.
المصدر: مال