م أيمن الشيخ
التفكير في تصميم معماري يحقق المعادلة بين الوظيفة والجمال، أمر ليس سهلًا. فالعديد من التصاميم المعمارية يغلب عليها إمَّا الجانب الوظيفي، أو الجانب الجمالي. وقد توجه البعض من المعماريين لتفضيل جانب على آخر بشكل مستمر. واليوم، ومع توفر العديد من أساليب البناء الحديثة، أصبح لزامًا الاعتناء بالجانب الجمالي بشكل أفضل مما كان عليه سابقًا، ولكن: هل هذا هو التحدي الوحيد في هذا الأمر؟ بالتأكيد ليس كذلك.
التفكير في تصميم معماري -على سبيل المثال- لوحدة سكنية جاهزة تكون مسبقة الصنع، يرفع من مستوى التحدي لدى المعماري من حيث أهمية توفير سبل مختلفة لتحقيق العنصر الجمالي، خاصة أن المتطلبات السكنية متعددة بحسب الحاجة. وكذلك العديد من مواد البناء المستخدمة في هذه التقنيات تبدو جامدة للوهلة الأولى، إلا من ذوي رؤية معمارية مميزة الذين يملكون القدرة على تحويل كل جامد أمامهم إلى لوحة مليئة بالجمال والإحساس من خلال الاستفادة من العناصر المعمارية والقدرة على تطويع مواد البناء نحو تلبية حاجة المصمم.
لغة العمارة كانت -وما زالت– متجددة، ولكنها فقدت بريقها في بناء المساكن في مرحلة ما. أمَّا عند النظر من زاوية الوظيفة أو من زاوية أخرى مثل التكلفة، فيلزم للمعماري المميز التعمق أكثر نحو تحقيق أفق جديد في تعزيز المعرفة والابتكار في تحقيق عنصر الكفاءة التصميمية والجمع بين الوظيفة والجمال من خلال تصاميم أكثر قابلية لتكون مصنعة عبر خطوط إنتاج. وهذا يدعونا للتفكير جديًا في أن تتبنى كليات العمارة والهندسة المعمارية إنشاء وحدات ابتكارية موجهة نحو مواد البناء ومفهوم تصنيع البناء وآلياته، وأن توجه الجامعات مراكزها البحثية نحو استشراف مستقبل البناء لتسهم بدورها في تلبية الطلب المتزايد للمساكن مع إيجاد حوافز لتأسيس شركات ناشئة تعمل على تحويل أفكار طلبة كليات العمارة والهندسة المعمارية في هذا الجانب، إلى منتجات منافسة تحقق لها تقدمًا وريادة عالمية، وتحقق لمعماريي المستقبل فرصة عمل ومشاركة، وهم على مقاعد الدراسة، ولكي توجههم نحو المستقبل وآفاقه.
تذكرة مغادرة: يقول الروائي الفرنسي إميل زولا: «أنا أُومِن أن مستقبل الإنسانية يكمن في تقدُّم العقلانيّة عن طريق العلم».