تبدو المملكة على أعتاب عهد جديد في مسيرتها الاقتصادية، هذا العهد يعلن عن نفسه بقوة ووضوح، ويبعث برسالة عاجلة إلى من يهمه الأمر، بأن المملكة دشنت للتو مرحلة جديدة من مراحل رؤية 2030، وهي مرحلة الانتعاش الاقتصادي الشامل، من نافذة زيادة الإنتاج وجذب الاستثمارات وبدء التصدير لكل دول العالم. وتأتي هذه المرحلة بعد الانتهاء “جزئياً” من مرحلة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية ومواجهة الفساد التي شهدتها البلاد خلال السنوات الخمس الماضية، ومهدت الطريق للمراحل اللاحقة.

وهنا أتذكر جيداً كلمات سيدي ولي العهد، عندما أعلن تفاصيل الرؤية وبرامجها في صيف 2016، إذ أعلن على الملأ أن الوطن لن يتطور إلا بسواعد أبنائه، الذين عليهم أن يستعدوا لتنفيذ المهام التي ستُطلب منهم، لتنفيذ خطط الرؤية وبرامجها.

الكلمات تلك هي بمثابة دعوة صريحة لشباب الوطن المؤهلين للدخول بقوة وشهية مفتوحة إلى الأسواق الوطنية في المجالات كافة في الفترة المقبلة.

الآن قد حان موعد الدعوة، بعدما أطلق سموه مؤخراً سلسلة من الاستراتيجيات والبرامج التي تدعم الممكنات الرئيسة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للرؤية. ونخص بالتحديد الاستراتيجية الوطنية للاستثمار وبرنامج تنمية القدرات البشرية. والذي يستهدف في الأساس هؤلاء الشباب الذين هم اللاعبون الجدد في الفترة المقبلة في القطاعات كافة المكونة لاقتصاد الوطن وعلى رأسها القطاع العقاري ثاني أهم الروافد غير النفطية للاقتصاد الوطني.

ويصبح من المهم أن نركز رسالتنا على هذا المجال الحيوي لعلها تسهم في رسم خريطة الناشطين في مجال التطوير العقاري ما بين شيوخنا قادة السوق وبين هؤلاء الشباب الجدد القادمين بقوة حيث تتوفر لهم مصفوفة عريضة من الدواعم والممكنات لهؤلاء اللاعبين الجدد.

وعلى رأس كل تلك الممكنات للاعبين الجدد تأتي الكلمات المضيئة لسيدي ولي العهد في مطلع إطلاق الرؤية، بأن الوطن لن يتطور إلا بسواعد أبنائه وبخاصة الشباب منهم. ويأتي أيضاً الطموح والإصرار والعزيمة، الذي يتمتع به شباب اللاعبين في سوق التطوير العقاري الجدد ما يكفي للنهوض بأنفسهم وأعمالهم ومشروعاتهم في مجالات اقتصادية متنوعة، بالإضافة إلى الروح الريادية والحماس المبني على الفهم العلمي العميق والحديث لطبيعة متطلبات المرحلة المقبلة وآلياتها واحتياجاتها، وهي بكل تأكيد غير تقليدية، تأتي فلسفة العمل الجديد لهؤلاء اللاعبين الجدد مبنية على العلم وفهم عناصر السوق العقاري بالمعايير العلمية والعالمية مثل مفاهيم الزمان والمكان في التطوير العقاري والتركيبة المتشابكة لعناصر السوق من مطورين ومستثمرين وجهات تمويل والجهات التشريعية والتنظيمية ثم الجهات التنفيذية من شركات هندسية ومقاولات وموردين ومديري مشروعات ويحرك كل هذه المنظومة المتشابكة قوى والعرض والطلب والتي تأتي أيضاً من جيل واعد من شباب المستهلكين والذين تمثل أكثر من 65 % من التركيبة السكانية.

وتأكيداً على كلمات ولي العهد، وانطلاقاً من تلك الممكنات يقفز شباب المطورين العقاريين السعوديين أو “اللاعبون الجدد” إلى المشهد الاقتصادي بكل قوة ويبتكرون أفكاراً جديدة، تمنحهم الريادة في إيجاد مشروعات قابلة للنمو والتمدد، تحقق للاقتصاد الوطني كل ما يحتاجه. وبعيداً عن أي انحياز، لا أبالغ إذا أكدتُ أن فرصة المستثمرين الوطنيين الشباب أكبر وأعظم من أي فرص أخرى، لأنهم يعرفون احتياجات مجتمعهم من الشباب أكثر وأعمق من باقي المنافسين.

هذه الموجة من المطورين الشباب الجدد تغير قواعد اللعبة بالنسبة للمطورين القدامى وتمثل دعوة لهم للتنبه إلى القواعد الجديدة والتي تستلزم التعرف إلى المطورين الشباب الجدد والتعاون معهم وتوسيع وتطوير سلسلة الإمداد في قطاع التطوير العقاري لتتسع وتشمل المطورين الجدد والتحول إلى نظرة التكامل والتحديث والتعاون من أجل التطوير المستمر لصناعة التطوير العقاري بما يتماشى مع التطوير الهائل والرؤية الثاقبة المتسارعة التي يشهدها ويعيشها الوطن في المجالات كافة.

وعلى ذلك فرسالتنا هي أن التغيير مقبل لا محالة، ومقاومة التغيير هو رد فعل طبيعي ولكن لن يدوم طويلاً. فيجب الاستجابة للمعطيات العلمية والمجتمعية للتغيير التي تتطلبها الموجة الجديدة من شباب المطورين النابه والمبني على قواعد علمية كما سبق، فمشهد الاستثمار والتطوير العقاري في المملكة خلال المرحلة المقبلة لن يخلو من تنافس متوقع ومحتدم بين العناصر اللاعبة في السوق على اغتنام فرص الاستثمار المتاحة في البلاد، هذا التنافس أراه ظاهرة إيجابية وطبيعية ومثمرة في آن، تدفع كل مستثمر إلى تعزيز الجودة في مشروعه، والحرص على إيجاد منتج نوعي يفيد الفئات المستهدفة. وهو أيضاً دعوة إلى شيوخنا من قادة السوق إلى استيعاب المعايير والآليات الجديدة التي يضخها شباب اللاعبين الجدد في السوق، واتباع نهج التعاون والتلاحم بديلاً عن التنافس والتناحر، فالقطار يتحرك بأقصى سرعة ليواكب سرعة انطلاق قيادتنا الحكيمة، ولن يواكب ذلك سوى سرعة وعلم وانطلاقة الشباب الواعد من أبناء الوطن في هذا المجال.