Home مقالات تجارة العقار بين التقليد والتجديد

تجارة العقار بين التقليد والتجديد

by admin

محمد عبيد العرجاني

تعد التجارة من أقدم الأنشطة التي مارسها الإنسان منذ القدم بشكل تبادلي سواء كان بين طرفين أو مجموعة من الأطراف, وذلك لتلبية الاحتياجات المختلفة للأفراد والجماعات, ولعل هذا هو السر وراء إطلاق ابن خلدون لعبارته الشهيرة (الإنسان مدني بالطبع)؛ حيث لا يستطيع الإنسان أن يعيش بمفرده, ويلبي كل احتياجاته بنفسه, فهو في حاجة لغيره.

ومرت التجارة على مر العصور بمراحل تغير وتطور, وما رحلتا الشتاء والصيف إلا مثالا على التجارة القديمة, وظلت التجارة تتطور حتى وصلت الى إمكانية القيام بالبيع والشراء بشكل إلكتروني من خلال الوسطاء, وذلك مما أدى إلى وجود سوق للسلعة وقوة تنافسية قوية, عابرة للقارات والمحيطات, لا تعترف بالحدود ولا الجسور.

وتتنوع التجارة ما بين تقديم خدمة مادية أو خدمة غير مادية، وما بين تجارة صغيرة لتوفير الغذاء اليومي.., وتجارة كبيرة كتجارة العقارات, والمنتجات الزراعية والصناعية.

فمن أنواع التجارة الكبرى تجارة العقارات التي يمثل سوقها أحد الركائز التجارية في كل دولة, ويعرف العقار بأنه, كل شيء ثابت في مكانه ولا يمكن نقله دون تلف، أي الأراضي والمباني والأشجار التي تتصل بالأرض اتصال قرار وثبات.

ونلاحظ أن تجارة العقارات شأنها كشأن الأنواع الأخرى من التجارة مرت بمراحل تطور, حيث الدول القديمة تقوم ببيع وشراء الأراضي بشتى أنواعها, لمن تشاء أو تهب من تشاء, كما كان يحدث في العصر السومري أو عند القدماء المصريين, أو عند الصينين القدماء.
وظلت تجارة العقار تتطور وتتطور بين الأفراد العاديين أو بين الدولة والأفراد, دون أن تتخذ لنفسها سوقا كما هي الآن.

فقد كانت تجارة العقار تتم عن طريق عملية تبادل فردية لتعويض النقص, أو من باب حب التغيير في نواحي معينة مثل تغيير المكان أو نوع العقار…
وكانت عملية التبادل تتم بشكل شخصي, أو عن طريق وسيط أو ما يسمى ب ( السمسار), ثم تطور هذا لوجود مكاتب أو شركات صغيرة للوساطة والسمسرة, واستمر التطور حتى أصبح الآن تجارة العقار التجارة الأكبر على الإطلاق في العالم, وأصبحت أشبه بصناعة لها أصولها وفنونها وأساليبها المتنوعة لجذب العملاء وتسويق منتجاتها العقارية, ويقدر الباحثون حجم هذه التجارة سنويا إلى 2 تريليون دولار سنويا.

وقد خضع هذا السوق للتنمية والتطوير بحيث أصبح بالإمكان إتمام عمليات البيع والشراء عن بعد إلكترونياً أو عن طريق وسطاء، وأصبحت التجارة في عالم العقارات تتطلب الكثير من المهارة والخبرة نظراً لقوة السوق وشدة المنافسة.

ولم تقف تجارة العقار عند هذا الحد, بل تجاوزت كل الحدود الأرضية حتى وصلت إلى ما يسمى بحملات الإعلان عبر ما يسمى بالسموات المفتوحة على القنوات الفضائية, وعبر الشبكة العنكبوتية, وأصبحت تجارة العقار وتسويقه صناعة, وصناعة كبرى تحتاج إلى فكر وتقنية وتخطيط, بل ودراسات في عديد من المجالات, حيث تمثل الحملات الإعلانية جزءا أساسيا ومهما في عملية التسويق, ولكي تنجح الحملة الإعلانية فيجب إتباع عدة قواعد منها تحديد الفئة والاستهداف الصحيح والفكرة المناسبة والهدف من الحملة الإعلانية وغير ذلك.

فقد أظهرت دراسة حديثة أجرتها الجمعية الوطنية للوسطاء العقاريين فى أمريكا أن 92٪ من المشترين يستخدمون الإنترنت لبدء البحث عن العقارات قبل التوجه لأى سمسار عقاري, ومن هنا أصبحت تجارة العقار وتسويقه تتطلب إنشاء مواقع ويب خاصة بالعلامة التجارية لكل شركة وتوضيح الأماكن والمواقع المعروضة ومميزاتها للعملاء المحتملين الذين يبحثون عن عقارات.

إن شركات التسويق العقاري تقوم – الآن – بعمل إعلانات مدفوعة على الانترنت باستخدام مواقع الفيسبوك وتوتير وموقع إعلانات جوجل, وغيرها من المواقع التفاعلية, وهناك من يقوم بعمل مدونة لموقع العقاري ويدعمه بمقالات عن المنطقة التى تستهدفها ومقالات عن المجالات العقارية والاستثمارية، حتى أصبح شعارهم : (اجعل من وراء كل عقار قصة).

وختاما؛ فإننا نجد أن القطاع العقاري في المملكة العربية السعودية في ظل قيادتنا الحكيمة, ثم في ظل جهود الجهات المختصة في هذا المجال لهم السبق في كل ما يرتقي به من حيث الاهتمام, والتطوير والتنظيم والشفافية ومواكبة كل ما هو جديد ويصب في مصلحة الجميع.

فنجد مثلاً الهيئة العامة للعقار لها جهود كبيرة من حيث التنظيمات والتشريعات والتطوير والسير على خطى ثابتة ترتقي بهذا القِطاع, ونجد كذلك المعهد العقاري السعودي يقدم الكثير من المعلومات والدورات بشتى تخصصاتها التي تزيد من ثقافة ومعرفة العاملين في المجال العقاري مما ساهمت ومازالت تُساهم في رفع الوعي والمعرفة لدى الناس.

You may also like

اترك تعليقك :