د. أريج الجهني
على غرار ما يقول الشاعر أبو تمام “كم منزل في الأرضِ يألفه الفتى… وحنينهُ أبدًا لأوّلِ منزلِ”، فإن الحنين للمنازل اليوم اختلف؛ لأن السكن أصبح مختلفًا كفكرة وهوية وفلسفة وتحولات. وبين جودة الحياة وتحقيق رؤية 2030 أجد أننا أمام مشاريع حيوية باهرة لا تتوقف، كان جانب الإسكان الأكثر ظهورًا بصفته كيانات مادية مرئية بالعين المجردة. ولعل آخر ما لفت نظري في قطاع العقارات، العملاق العقاري العبقري (روشن). إن هذه الشركة الخلاقة ليست مجرد مطور عقاري تقليدي، وليست شركة (مركزية)، بل لها أذرع عقارية ومعنوية تجلَّت في كونها شريكًا مؤسسًا في سباق جائزة السعودية الكبرى stc للفورمولا 1، وأيضًا رعايتها لموسم الرياض وحقوق تسمية البوليفارد خلال الموسم. فهي تعزز قيم الرياضة والترفيه والصحة بشكل عملي، وتتمتع بفكر اتصالي مختلف، وفرق عمل مهنية متنوعة.. نعم، هي منافس من ذوي الوزن الثقيل، فهي لا تهتم ببيع منتجات، إنما ببناء مجتمعات.
في مشروعها الأول “سدرة” الذي سيتبعه، بمشيئة الله، العديد من المشاريع الموزعة حول المملكة؛ شاهدت نموذجًا حيًا لفكرة (الحي يحييك)، لن أتحدث عن حجم المساحات التي ستتوفر في إلغاء الارتدادات والأسوار، إنما عن حجم التفاعل الإنساني و(الحياة) التي ستضجُّ بها شوارع مجتمعات روشن. نعم، وأخيرًا تحقق ما كتبت في 2020 حينما تساءلت لماذا لا نرى وجوه الناس! ولطالما كانت الأسوار تمثل حاجزًا ماديًا ومعنويًا لرؤيتهم اليوم في مساحات روشن الشاسعة، سيمتلك المواطن أكثر من منتج يختار ما يناسبه، فهناك النموذج التقليدي (الفيلا المعزولة) هكذا أنا أسميها، وهناك الدوبلكس، وهناك التاون هاوس، الذي دفعني بصراحة للحديث عنه أكثر.
فكرة التاون هاوس لا تخفى على القارئ، فهي المساكن المتراصفة والبنيان الذي يشد بعضه بعضًا دون مسافات، كنت أستمتع برؤيتها في إنجلترا، والفكرة ليست بجديدة على مشاريع الإسكان فقد سبق أن تم الإعلان عن وحدات عديدة بهذا المفهوم. لكن اللافت في تصاميم روشن هو تفرد الوحدات بالتصاميم واختلاف الواجهات مع الدقة المتناهية بتفاصيل “الاستدامة والمدينة الخضراء والعمارة السلمانية”.. نعم، التنافسية عالية جدًا هنا. ورسالتي للمطورين العقاريين أن يبادروا بالنزول للواقع ومخاطبة الشكل الحديث للأسر السعودية وتلبية كافة التطلعات؛ فالكثير من الأسر الشابة اليوم (تشبه) عمارة روشن في الانفتاح والتقارب والمرونة وتطويع الأرصفة للمشاة.
أخيرًا، فإن الناس حين يسافرون يعودون وفي أذهانهم الكثير من الأماكن؛ طباعة صورة المجتمعات في أذهان العالم لا تأتي عبر العشوائية وضربة الحظ. القطاع العقاري اليوم منتعش، ولست من أنصار توجه (فوبيا العقار) وترهيب الأسر من امتلاك مساكنهم، والذي يجد رواجًا لدى البعض، لكن بالتأكيد أن القطاع فيه حراك إيجابي. نعم، توجد صعوبات وهذا الطبيعي، لكن الاستثمار والاختيار عملية تستحق التفكير والاطلاع على النماذج والمشاريع الفريدة، بل الكثير من المباني الحديثة أعادت هيبة العمارة وأصبحنا نشاهد الشبابيك الواسعة والممرات الخضراء؛ لعلنا نتخلص من العمائر المعلبة ذات المنظر المزعج لتصبح مدننا أكثر جودة ليس للعقار فقط، بل للحب والفرح والصحة لكل إنسان.
كاتبة وأكاديمية
[email protected]