أبنية – الرياض
قبل عقد كان المنزل العادي في كولومبوس، عاصمة ولاية أوهايو المخضرة، يعرض في السوق لما يقارب 100 يوم قبل بيعه. اليوم يباع عقار مماثل في غضون عشرة أيام فقط.
لم يكن الأمر على هذا النحو من قبل”، حسبما قال مايكل جونز، وكيل العقارات في شركة كولدويل بانكر ريالتي، الذي يتمتع بخبرة تزيد على 20 عاما في وسط أوهايو. “إنه أمر غير مسبوق”.
أصبح صانعو السياسة في الولايات المتحدة قلقين بشكل متزايد بشأن ارتفاع أسعار المساكن لكل من مالكي المنازل والمستأجرين، لأن أوسع طفرة في أسعار المنازل منذ عقدين على الأقل أدت إلى ارتفاع تكاليف المعيشة.
قالت مارسيا فادج، وزيرة الإسكان والتنمية الحضرية في الولايات المتحدة، في جلسة استماع في الكونجرس أخيرا، “اليوم من الصعب العثور على منزل بتكلفة معقولة في أمريكا أكثر من أي وقت مضى منذ الأزمة المالية لعام 2008”.
على الصعيد الوطني ارتفعت أسعار المنازل في أيار (مايو) أكثر من 16.6 في المائة عن العام الماضي، وفقا لآخر تحديث لمؤشر إس آند بي كورلوجيك كيس-شيلر لأسعار المساكن – وهي أكبر قفزة في أكثر من 30 عاما من البيانات وأعلى 14.8 في المائة عن مستوى نيسان (أبريل) الماضي.
“قبل شهر وصفت أداء نيسان (أبريل) بأنه ‘استثنائي حقا’، و(الآن) نفدت مني صيغ التفضيل”، حسبما قال كريج لازارا، الرئيس العالمي لاستراتيجية استثمار المؤشر في “إس آند بي داو جونز إنديسيز”.
كانت وتيرة نمو الأسعار والمبيعات سريعة بشكل خاص في المدن الصغيرة والضواحي والبلدات.
سوق الإسكان في كولومبوس تضخمت منذ بداية الجائحة، إذ أدت أسعار الفائدة المنخفضة تاريخيا والعمل عن بعد وزيادة الطلب على المنازل الكبيرة والعرض المحدود نسبيا للمنازل المعروضة للبيع، إلى هيجان شديد بين مشتري المنازل المحتملين ومكاسب غير متوقعة للبائعين.
وفقا لموقع العقارات زيلو، المنازل في كولومبوس تباع بسرعة أكبر من أي منطقة حضرية كبيرة أخرى في الولايات المتحدة. نحو ثلاثة أرباع عقارات كولومبوس تم إبرام عقودها في أقل من أسبوع في نيسان (أبريل). والمناطق الأخرى سريعة الحركة شملت دنفر وكولورادو وسولت ليك سيتي في ولاية يوتا.
المنافسة الشرسة تعني أن كثيرا من العقارات تباع بعلاوة كبيرة على السعر المدرج، مع تفضيل ذوي الدخل المرتفع أو المشترين لأول مرة الأصغر سنا الذين يرغب آباؤهم في دفع الأموال اللازمة للفوز في حرب المزايدة.
أوضحت هيئة الوسطاء العقاريين في كولومبوس، وهي الهيئة الصناعية المحلية التي يرأسها جونز، أن متوسط سعر البيع في المدينة قفز 15.8 في المائة في العام الماضي.
شهدت أماكن أخرى مزيدا من المبيعات المحمومة. ارتفع متوسط أسعار المنازل في أوستن في ولاية تكساس 40 في المائة على أساس سنوي، وفقا لشركة ريدفاين للوساطة العقارية عبر الإنترنت. أيضا توافد المشترون على فينيكس في ولاية أريزونا، حيث ارتفعت الأسعار 30 في المائة تقريبا في الفترة نفسها. وفي ديترويت في ولاية ميشيغان، ارتفعت 56 في المائة.
واستفادت أيضا الضواحي والمدن الأصغر. أفادت “ريدفاين” الشهر الماضي أن متوسط أسعار المنازل في المناطق الأمريكية “المعتمدة على السيارات” ارتفع بمقدار الضعف مقارنة بوتيرة الأسعار في المدن التي “يسهل فيها التنقل” – ارتفعت الأسعار في الأولى 33 في المائة بينما ارتفعت في الثانية 16 في المائة.
عبر أكبر 30 منطقة حضرية في الولايات المتحدة، سجلت كولومبوس، إلى جانب سانت لويس في ميسوري وتامبا في فلوريدا، بعضا من أكبر الزيادات الصافية في عدد الأشخاص الذين وصلوا إلى المنطقة، وفقا لتحليل لسجلات الخدمة البريدية للولايات المتحدة لتغيرات العناوين البريدية أجرته شركة العقارات التجارية والاستثمار سي بي آر إي.
أشار التحليل إلى أن معظم التحركات جاءت من “المنطقة المحيطة”، التي تم تعريفها على أنها منطقة تبعد بضع ساعات بالسيارة من العنوان السابق لصاحب المنزل.
تصاعد أسعار المنازل يغذي سوق الإيجار أيضا. وفقا لموقع الإدراج على الإنترنت “أبارتمنت ليست”، ارتفع متوسط الإيجار الوطني 11.4 في المائة حتى الآن هذا العام، أي أكثر من ثلاثة أضعاف متوسط الزيادة في الفترة نفسها في الأعوام الثلاثة السابقة.
وحذرت فادج من أن “ارتفاع تكلفة المساكن يبقي الملايين من العائلات مستيقظة كل ليلة. إنها تتساءل عما إذا كان بإمكانها تحمل تكاليف الاحتفاظ بسقف يأويها – وإذا ما كانت قادرة على إبقاء الأنوار مضاءة ودفع ثمن الوصفات الطبية ووضع الطعام على موائدها”.
يقول خبراء الصناعة إن وتيرة نمو الأسعار من المنتظر أن تتباطأ مع بدء العرض في اللحاق بالطلب.
عدد مبيعات المنازل القائمة ارتفع 1.4 في المائة على أساس شهري في حزيران (يونيو)، وفقا للجمعية الوطنية للوسطاء العقاريين. قال لورانس يون، كبير الاقتصاديين في الجمعية، إن العرض “تحسن بشكل طفيف في الأشهر الأخيرة بسبب زيادة بدء بناء المساكن وتسجيل أصحاب المنازل الحاليين لمنازلهم، وكل ذلك أدى إلى زيادة المبيعات”.
يتوقع خبراء عقارات واقتصاديون استطلع آراؤهم “زيلو” أن يصل نمو الأسعار إلى الذروة هذا العام ثم ينحسر.
قال يون، “على مستوى واسع، لا تتعرض أسعار المساكن لخطر التراجع بسبب الجرد وبيان حالة العقار، لكنني أتوقع أن ترتفع الأسعار بوتيرة أبطأ بحلول نهاية العام”.
قالت داريل فيرويذر، كبيرة الاقتصاديين في “ريدفاين”، “المنازل التي كان من الممكن أن تحصل على 20 عرضا تحصل الآن على عرضين أو ثلاثة فقط”، لكنها أضافت قائلة بينما “نشهد بالفعل بداية ركود الطلب”، لم تنخفض الأسعار بشكل كبير – ما يشير إلى أن مخاوف صانعي السياسة بشأن القدرة على تحمل التكاليف من المرجح أن تستمر.
قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جاي باول، أخيرا إن الاتجاه السائد اليوم يبدو مختلفا بشكل واضح عن الاتجاه الذي كان عليه قبل عقد الذي استبق ما كان في ذلك الوقت أسوأ ركود منذ الكساد الكبير – لكنه وصف مشكلة القدرة على تحمل تكاليف الإسكان بأنها “كبيرة”.
أوضح أمام لجنة في الكونجرس الشهر الماضي أن “أسعار المساكن ترتفع في جميع أنحاء البلاد بمعدل مرتفع”.
على الرغم من اعترافه بأن الارتفاع “لم يكن مدفوعا بنوع الإقراض المتهور وغير المسؤول الذي أفضى إلى فقاعة الإسكان التي أدت إلى الأزمة المالية الأخيرة”، إلا أنه حذر من أن ذلك “يجعل من الصعب على المشترين المبتدئين الدخول في سوق الإسكان، لذلك هذا مصدر قلق”.