أبنية – متابعات
يُعد قطاع مواد وخدمات البناء والتشييد بالمملكة من أكثر القطاعات ازدهاراً وتطوراً في السنوات الأخيرة، حيث تشهد المملكة نمواً اقتصادياً ملحوظاً، وزيادة في المشاريع العقارية ومشاريع البنية التحتية، ويتميز القطاع بتوفّر العديد من الفرص الاستثمارية للعديد من الشركات العقارية الكبرى والمطوّرين العقاريين المحليين والدوليين، والتي لا تقتصر على المشاريع العملاقة، بل امتدت لتشمل مختلف المجالات في المشاريع السكنية، والتجارية، والصناعية، والترفيهية، والتعليمية، والصحية، والتي تضم خدمات متكاملة لتلبية احتياجات المجتمع والنمو السكاني المتوقع.
ولصندوق الاستثمارات العامة دور أساسي في دعم جهود التنمية والتنويع الاقتصادي بالمملكة، وإطلاق قطاعات جديدة، وبناء شراكات اقتصادية استراتيجية، وتوطين التقنيات والمعرفة، ولديه ارتباط وثيق برؤية المملكة 2030 الطموحة، حيث أنه يرتبط بأحد محاور الرؤية الثلاثة وهي تحقيق اقتصاد مزدهر، ومجتمع حيوي، ووطن طموح.
مجتمعات نموذجية متكاملة
حيث يعمل الصندوق على الارتقاء بأساليب العيش من خلال تطوير أشكال جديدة من مشاريع البنية التحتية، والوجهات الجديدة، من خلال الاستفادة من الموارد الطبيعية، والثقافية، والتاريخية للمملكة، إضافة إلى تعزيز جاذبية وتطوير أنماط العيش في المدن السعودية، وتحسين إمكانية الحصول على خدمات الترفيه، والتي تهدف إلى إتاحة الفرصة لتحسين جودة الحياة للمواطنين والزوّار والسيّاح في كافة مدن ومناطق المملكة.
وعلى سبيل المثال، تساهم مجموعة “روشن” العقارية التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، في رفع مستويات ملكية المنازل وتقديم مجتمعات نموذجية بمختلف مناطق المملكة، تحديداً بمدينة الرياض، ومكة، وجدة، وعسير، والمنطقة الشرقية، وذلك من خلال تطوير مجتمعات متكاملة عبر إتاحة أفضل المرافق من الحدائق، وطرق المشاة، ومسارات الدراجات الهوائية، والمطاعم، والمقاهي، والمدارس، والمساجد، حيث تم تصميم حي “سدرة” في العاصمة الرياض بطراز معماري سلماني مستلهم من التراث السعودي الأصيل، فيما تم تصميم حي “العروس” بمنهجية معمارية تحافظ على التصاميم التراثية والحضرية التي تُبرز الثقافة والطراز المعماري لمنطقة جدة.
ويعد المشروع أحد الركائز الرئيسية التي تم إنشاؤها للمساهمة في دعم وتمكين وتسهيل زيادة ملكية المساكن المناسبة للأسر السعودية؛ من أجل المساهمة في تحقيق مستهدف المملكة في رفع ملكية المواطنين للمساكن إلى 70% بحلول عام 2030، حيث تهدف “روشن” إلى تسهيل امتلاك الوحدات السكنية من خلال تطوير أكثر من 200 مليون متر مربع، مستهدفة بذلك استضافة أكثر من مليوني ساكن من كافة فئات المجتمع. كما عقدت مجموعة “روشن” مجموعة من الشراكات الاستراتيجية التي تجاوزت قيمتها 10 مليار ريال لتطوير مشاريعها حول المملكة مع عدد من الشركات المحلية والدولية.
الاستفادة من الموارد السياحية والثقافية والتاريخية للمملكة
ووفقاً للجهود التي يقوم بها الصندوق في تنمية مناطق ومدن المملكة، يأتي مشروع “وسط جدة” للتطوير على الواجهة البحرية في محافظة جدة، بمساحة تبلغ حوالي 5.7 كيلو متر مربع، بمحاذاة قصر السلام ممتداً شمالاً إلى نهاية محطة تحلية المياه المالحة، وبواجهة بحرية مطلة على البحر الأحمر تمتد على مسافة 9.5 كم، وتتضمن مرسى بمواصفات عالمية مهيأ لاستقبال اليخوت من داخل المملكة وخارجها.
وسيُسهم مشروع الدرعية، الذي يجمع بين النمط المعماري النجدي التقليدي وفن العمارة المعاصر، في إطلاق مجموعة من الفرص الاستثمارية الجديدة في المشروع عبر مختلف مراحل التطوير والتنفيذ؛ ومنها البناء والتشييد، وتشغيل وإدارة الفنادق، والوحدات السكنية، ومراكز التسوق، والترفيه، والمرافق الثقافية، وسيُساهم المشروع في توفير الآلاف من فرص العمل، وتقديم مبادرات تساهم في رفع مستوى جودة الحياة في المنطقة، ليصبح أحد أهم الوجهات السياحية بالعالم التي تحتفي بالثقافة السعودية.
كما ستعمل شركة العُلا للتطوير في تحويل المدينة التاريخية إلى وجهة سياحية عالمية مع أبرز الخبراء المحليين والدوليين في الهندسة المعمارية، والبناء، والتصميم، والحفاظ على التراث، وذلك من أجل إحداث تحوّل مستدام في العُلا.
ولإحياء التراث الوطني النابض بثقافة المملكة الأصيلة، وتوفير تجربة ضيافة استثنائية وفريدة من نوعها، تأتي “مجموعة بوتيك” لتحويل وتطوير سلسلة من القصور التاريخية والثقافية في المملكة إلى فنادق بوتيك فاخرة تمزج أصالة القيم الثقافية والتراثية للمملكة مع نمط الحياة العصرية، وتقدم تجربة ضيافة حصرية تُثري قطاع الضيافة فائقة الفخامة في المملكة.
التسهيلات العقارية المساندة
ونظراً إلى ما يمثله السجل العقاري من أهمية في زيادة موثوقية التملك، وتعزيز دقة المعلومات عن العقار، يبرز الدور المهم للشركة الوطنية لخدمات التسجيل العيني للعقار (السجل العقاري) التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، حيث تتولى الشركة مهمة إنشاء وإدارة “السجل العقاري” في المملكة باستخدام أحدث التقنيات الحديثة؛ لرقمنة الخدمات العقارية وتحويل إجراءاتها إلى إجراءات رقمية؛ بهدف تعزيز الجاذبية الاستثمارية للقطاع العقاري وتوفير أعلى مستوى من جودة الحياة، وتعزيز الموثوقية والشفافية في العقار.
كما وقّعـت الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري اتفاقيـة مـع “المؤسسة العامـة للتقاعـد” للحصـول علـى محفظـة تمويـل عقـاري بقيمـة تزيد عن 3 مليار ريال سعودي، وتعد الصفقـة الأكبر فـي إعـادة التمويـل العقـاري فـي المملكة، كما بلغـت أصـول الشـركة حولـي 6.1 مليـار ريـال سـعودي فـي الربـع الثالـث مـن 2020، إلى جانب مساهمتها في تقليص هامش الربح للقروض العقارية، حيث بلغ عدد المستفيدين إلى أكثر من 270 ألف أسرة سعودية، وبلغت قيمة التمويل أكثر من 3 مليار ريال لتشمل قيمة الصكوك والأصول والمنتجات التمويلية.
مشاريع اقتصادية عملاقة
ويركز الصندوق من خلال تطوير “المشاريع الكبرى”، وهي نيوم، والبحر الأحمر، والقدية، وروشن، والدرعية، على استحداث منظومات متكاملة تُسهم في إطلاق وتفعيل قطاعات حيوية واستراتيجية تعتمد بشكل كبير على التقنية وتوطين المعرفة مثل العلوم المستقبلية، والسياحة، والرياضة، والتطوير العقاري، حيث ستكون بمثابة مشاريع ضخمة داعمة للإلهام والاكتشاف والمشاركة للأجيال القادمة.
وسيُسهم مطار الملك سلمان الدولي في دعم خطط المملكة لتكون الرياض بوابة للعالم، وضمن أكبر عشر اقتصادات مدن في العالم، ووجهة عالمية للنقل والتجارة والسياحة، حيث سيصبح المطار واحداً من أكبر المطارات في العالم، حيث يتضمن العديد من المرافق المساندة، والأصول السكنية، والترفيهية، والمحلات التجارية، إضافة إلى المرافق اللوجستية.
ويبرز مركز الملك عبد الله المالي “كافد” كأكبر مركز مالي متعدد الاستخدامات في المنطقة، ووجهة متكاملة تجمع ما بين السكن والعمل والترفيه، حيث يعتبر تحفة معمارية ووجهة رئيسية للمال والأعمال في المنطقة، حيث سيضم المشروع عند استكماله أكثر من 5 آلاف وحدة سكنية، إلى جانب مليون متر مربع من المساحات المكتبية من الدرجة الأولى، و220 ألف متر مربع من مساحات التجزئة والأطعمة والمشروبات، و110 ألف متر مربع من مساحات الترفيه.
الاستدامة البيئية في البناء
وفي السياق ذاته، تحرص مشاريع صندوق الاستثمارات العامة على اعتماد أفضل ممارسات التخطيط والتنفيذ، والابتكار، والتي تهتم بالحفاظ على البيئة وتساهم في الحدّ من الانبعاثات الكربونية، حيث وقعت شركة “داون تاون السعودية”، إحدى الشركات المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة، مذكرة تفاهم مع الشركة الوطنية للإسكان ممثلة في برنامج البناء المستدام، للتعاون وبحث سبل تطبيق المعايير الخاصة لاستدامة المباني والمجتمعات عبر خدمة تقييم الاستدامة خلال مراحل التصميم والتنفيذ والتشغيل لمشاريع شركة داون تاون السعودية في 12 مدينة حول المملكة.
كما سيعتمد مشروع المربع الجديد في تصاميمه على تطبيق معايير الاستدامة ورفع مستوى جودة الحياة، ومن ذلك المساحات الخضراء، وتوفير مسارات للمشي، وتعزيز المفاهيم الصحية والرياضية والأنشطة المجتمعية. كما يضم المشروع متحفاً مبتكراً، وجامعة متخصصة في التقنية والتصميم، ومسرحاً متكاملاً متعدد الاستخدامات، وأكثر من 80 منطقة للعروض الحية الترفيهية والثقافية.
شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص
يعمل الصندوق على تطوير شراكات استراتيجية هامة مع القطاع الخاص بهدف تمكين قطاع خدمات البناء والتشييد وتبني أبرز التقنيات لمختلف المشاريع الحالية والمستقبلية في المملكة، حيث قام الصندوق بالاستثمار في أربع شركات وطنية رائدة في قطاع خدمات البناء والتشييد، وهي “شركة نسما وشركاهم للمقاولات”، و”شركة السيف مهندسون مقاولون ” و”شركة البواني القابضة”، و”شركة المباني مقاولون عامون “؛ لاستحداث فرص إضافية للقطاع الخاص المحلي للمشاركة في تنفيذ أعمال التطوير للمشاريع الحالية والمستقبلية، حيث منحت الشركات التابعة للصندوق عقوداً للقطاع الخاص المحلي بنحو 140 مليار ريال في عام 2021، الأمر الذي سيُسهم في زيادة مساهمة الصندوق وشركاته التابعة في المحتوى المحلي إلى 60% بنهاية عام 2025، واستحداث فرص العمل، والتي تشمل الوظائف التي يتم استحداثها بواسطة الصندوق والشركات التابعة له، أو بواسطة شركات أخرى مرتبطة استثمارياً بالصندوق، وستتركز بشكل خاص على قطاعات مثل الضيافة والترفيه، الخدمات العقارية، ومواد وخدمات البناء والتشييد، والمرافق الخدمية والبنية التحتية؛ بما ينعكس على جهود التنمية الاجتماعية، وتحسين جودة الحياة لسكان وزوّار المملكة.
المصدر: الرياض