Home مقالات تجليات الفن في العمارة… رحلة بصرية عبر الزمن

تجليات الفن في العمارة… رحلة بصرية عبر الزمن

by admin

علاء حليفي

منذ فجر الحضارة حتى يومنا الحالي، لطالما شكلت العمارة مرآة تعكس التطور الفني والثقافي للمجتمعات البشرية، حيث تداخلت الفنون البصرية والهندسة المعمارية عبر العصور في علاقة تكافلية مدهشة، فأثر كل منهما في الآخر وألهمه بطرق لا تُحصى، وهو ما أنتج إرثًا معماريًّا وفنيًّا لا يُنسى، ترك بصمته على مختلف الحضارات البشرية؛ إذ إن الفنون البصرية لم تكن مجرد زينة للعمارة، بل كانت وما زالت جزءًا من الهوية المعمارية، تضفي عليها روحًا وحياةً، وتجعلها تنطق بتفاصيل الحضارات والثقافات عبر مختلف العصور.

تَأمُّل هذا الترابط العميق يكشف لنا عن رحلة مليئة بالإبداع والتعبير الفني والسعي المستمر نحو الجمال والكمال. في هذا المقال، سنتجول جولة تاريخية لاستكشاف التأثيرات المتبادلة بين الفنون البصرية والهندسة المعمارية. سنبدأ بشكل مختصر بفحص الأشكال الفنية الكلاسيكية وكيف ساهمت في تشكيل العمارة في الحضارات القديمة، قبل أن ننتقل إلى العصر الحديث لنتعرف بالتفصيل إلى الفنون المعاصرة ودورها في تطوير المفاهيم المعمارية التي يتبناها الجيل الحالي من المعماريين مثل المعمارية الأميركية سيران أرسلان، التي سوف نحاورها حول عملها الفني والمعماري وعلاقته بالتطور الذي شهده الذكاء الاصطناعي والفنون الرقمية في السنوات المنصرمة.

التطور التاريخي للعمارة والفنون البصرية

تعود أصول هذه العلاقة الساحرة بين الفن والهندسة المعمارية إلى البدايات الأولى للحضارة في بلاد ما بين النهرين ومصر القديمة. فقد كان الفن والهندسة المعمارية آنذاك متداخلين كما لو كانا عملًا ومجالًا واحدًا، حيث كانا يعكسان على نحو مادي وواضح رمزية السلطة والدين والنظام الاجتماعي السائد آنذاك. في بلاد ما بين النهرين، كانت الزقورات ترتفع بشموخ نحو السماء، مزينة بنقوش معقدة تجسد الآلهة والأساطير الملحمية. أما في مصر، فقد كانت الأهرامات تمثل مآثر خالدة للفراعنة، تعكس براعة هندسية وزخرفية، ومزينة بالهيروغليفية والمنحوتات الفريدة.

أما في العصر الكلاسيكي، فقد شهد العالم طفرة في الابتكار الفني والمعماري، حيث كانت اليونان وروما في طليعة هذا الإبداع، فالمعابد اليونانية، مثل معبد البارثينون، كانت تجسّد التوافق بين الفن والهندسة المعمارية، بفضل تفاصيل منحوتة وأقواس معقدة تزين أعمدتها الشامخة. وفي روما، أظهرت الكولوسيوم والبانثيون روعة الهندسة المعمارية وتكامل الزخارف الفنية، وهو ما جعل إنجازات الحضارات القديمة تظل حية حتى يومنا الحالي.

وقد كان عصر النهضة بمنزلة لحظة محورية في تطور الفن والهندسة المعمارية، حيث اجتاحت النزعة الإنسانية وإحياء المُثل الكلاسيكية جميع أنحاء أوربا، فأَخْفَى الفنانون والمعماريون مثل برونليسكي ومايكل أنجلو الخطوطَ الفاصلةَ بين الفن والهندسة المعمارية، وزيّنوا المباني بالعناصر النحتية والزخارف. وتشهد القباب المرتفعة لكاتدرائية فلورنسا والواجهات المزخرفة للقصور في البندقية على هذا التزاوج بين الجمال والبناء.

أما مع بزوغ العصر الحديث، فقد تغيرت العلاقة بين الفن والهندسة المعمارية على نحو كبير؛ إذ تبنت حركات مثل آرت نوفو وآرت ديكو موادَّ وأشكالًا جديدة، وهو ما أدى إلى تحدي الأفكار التقليدية للجمال والهندسة، حيث عمد المعماريون مثل غاودي ورايت إلى استعمال الأشكال العضوية والتقنيات الفنية المبتكرة، ليخلقوا مبانيَ تجمع بين الوظيفية والإبداع، متجاوزين المألوف ليحولوا العمارة إلى أعمال فنية في حدّ ذاتها.

صوت جديد يتمرد على كل ما هو كلاسيكي

في المشهد المعاصر للقرن الحادي والعشرين، يستمر التفاعل بين الفن والهندسة المعمارية في التطور، مدفوعًا بالتقدم التكنولوجي والعولمة والنماذج الثقافية المتغيرة، حيث يتعاون المهندسون المعماريون والفنانون في مشاريع طموحة تدفع حدود الإبداع والابتكار، فقد فتح تطور التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي آفاقًا جديدة، وهو ما سمح بازدهار أشكال فنية ومعمارية تجريبية غير مسبوقة في بيئتنا المبنية.

منذ تسعينيات القرن الماضي، حتى مطلع القرن الحادي والعشرين، ظهرت على الساحة أشكال جديدة من الفنون المعاصرة، غير الفنون الكلاسيكية مثل الرسم والنحت. إنها أشكال فنية حديثة قادها الجيل الجديد من الشباب، نتيجة تمردهم على الفنون الكلاسيكية؛ لكونها لا تناسب أصواتهم ولا تعبر عن رؤاهم وأفكارهم، وكانت إحدى أولى هذه الفنون المعاصرة هي فن الغرافيتي الذي ظهر وانتشر في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي في مدينة نيويورك الأميركية، عندما بدأ الشباب في استخدام الطلاء على الجدران لإنشاء صور وكتابات على المباني، تعبيرًا عن سخطهم وغضبهم على حال المدينة التي كانت تتخبط في براثن الفقر والبطالة آنذاك.

يُعَدُّ فن الغرافيتي أحد أهم أشكال الفن المعاصر التي ظهرت من العدم، وارتبطت ارتباطًا جوهريًّا بالعمارة والمدينة، حيث كانت المباني المعمارية بمنزلة اللوحات التي يبدع عليها الفنانون أعمالهم، فصار لهذا الفن القدرة على بث حياة جديدة في المساحات الحضرية المهملة، وتحويل المباني المهجورة والجدران الفارغة إلى أعمال فنية نابضة بالحياة، فأصبحت المستودعات والأنفاق والأزقة المهجورة مثل لوحة قماشية لفناني الغرافيتي لإطلاق العنان لإبداعهم، وحقن ألوانهم وتعبيراتهم في الزوايا المنسية من المدينة. ومن خلال استعادة المباني والمساحات المهملة وإعادة توظيفها كمواقع للتعبير الثقافي، طمس فن الغرافيتي الحدود بين الفن والهندسة المعمارية، داعيًا الناس إلى إعادة تصور بيئتهم المبنية.

وفي علاقة الغرافيتي بالعمارة، يقول فنان الغرافيتي الأميركي «دريكس وان» في محاضرة له بمدينة سان فرانسيسكو: إن فن الغرافيتي، غالبًا ما يُساء فهمه على أنه مجرد تخريب، لكنه في الحقيقة يحمل أهمية أعمق تتجاوز مظهره السطحي؛ إذ إن الأمر لا يتعلق فقط بالطلاء غير المصرح به على الجدران، بل هو شكل من أشكال التعبير، واستعادة الفضاء العام والبيئة المبنية للسكان، حيث يكمن جوهر الكتابة على الجدران في تحديها للمعايير التقليدية وتأكيدها الفرديةَ وصوتَ جيلٍ كامل من الشباب. ربما لا يختار السكان هيئة المباني التي تحيط بهم، لكن فن الغرافيتي يجعلهم يستعيدون حرية تزيينها بأفكارهم وألوانهم الخاصة، بالنسبة للمجتمعات التي غالبًا ما تُتجاهَل أو تُهَمَّش، تصبح الكتابة على الجدران صوتًا ووسيلة لاستعادة بيئتها وتأكيد وجودها.

العمارة والفنون الرقمية: محاكاة المستقبل

في عصرنا الحالي، الذي يتسم بالابتكار الرقمي والتطور التقني، تشهد مجالات الفن والهندسة المعمارية تقاربًا عميقًا، مدفوعًا بالتقنيات التكنولوجية المتطورة والإبداع اللامحدود، حيث تُحدث الفنون الرقمية، التي تشمل مجموعة واسعة من الوسائط مثل الصور المولدة بالكمبيوتر (CGI)، والنحت الرقمي، والمنشآت التفاعلية، ثورة في التصميم المعماري، وتقدم للمهندسين المعماريين أدوات جديدة للاستكشاف والتعبير، حيث إن تأثير الفنون الرقمية على الهندسة المعمارية يعيد بشكل ما تشكيل البيئة المبنية بطرق غير مسبوقة في التاريخ.

وقد أحدث التقاطع بين الهندسة المعمارية والفن الرقمي ثورة في الطريقة التي نتصور بها المساحات ونصممها. من قبلُ، ارتكزت الممارسات المعمارية التقليدية على الصياغة اليدوية والنماذج المادية. أما اليوم، تتيح الأدوات والبرمجيات الرقمية للمهندسين المعماريين إنشاء تصميمات أكثر تعقيدًا ودقة وابتكارًا. لا يقتصر الفن الرقمي في الهندسة المعمارية على مرحلة التصميم؛ بل يمتد إلى التصور وعرض المشاريع. يمكن للمهندسين المعماريين والمصممين الاستفادة من التطور التقني والذكاء الاصطناعي لاستكشاف مناطق إبداعية مجهولة، وإنشاء أشكال وهياكل قد يكون من المستحيل تصميمها يدويًّا.

إن هذه التكنولوجيا تساعد في خلق تصاميم معقدة وجمالية تتجاوز الحدود التقليدية للعمارة. يتيح هذا النهج أيضًا للمعماريين تجربة التصاميم بطريقة تفاعلية ومبتكرة، وهو ما يساهم في تحسين الكفاءة والإبداع في العمل المعماري. إن الجمع بين العمارة والفن الرقمي والذكاء الاصطناعي يعيد تعريف ممارسات التصميم ويقدم رؤى جديدة حول كيفية تكامل التكنولوجيا مع الفن في خلق مساحات معمارية فريدة ومستديمة.

سيران أرسلان: حين يجتمع الفن الرقمي بالعمارة فرارًا من الواقع

تُعد سيران أرسلان، وهي مهندسة معمارية وفنانة رقمية أميركية مقيمة في مدينة نيويورك، أحد أهم الشخصيات التي تدمج الفن الرقمي بالهندسة المعمارية في زمننا الحالي، فهي إضافة إلى عملها التطبيقي كمعمارية، لها مشروعها الخاص ‘Exit’ الذي يُعَدّ مختبرًا تجريبيًّا للمساحات المعمارية المتخيلة التي تجمع الفن الرقمي بالعمارة في مزيج ساحر وطلائعي.

بوصفها معمارية متعددة المهارات، يتأثر عمل سيران بتقنيات فنية مختلفة بما في ذلك الرسم والكولاج، إضافة إلى التقنيات الرقمية المعززة بواقع الذكاء الاصطناعي؛ إذ تمثل أعمالها نقطة التقاء بين الهندسة المعمارية التقليدية والتكنولوجيا الحديثة، بخلقها فضاءاتٍ معماريةً لا تقتصر على تلبية احتياجات الحاضر فحسب، بل تستشرف المستقبل بتصميمات ذكية تجمع بين الفن والعلم في توازن مثالي، وهو ما سوف نستكشفه في الحوار التالي الذي أجريته معها:

هل بإمكانك أن تحدثينا كيف أتتك فكرة دمج الفن الرقمي بالعمارة؟

بدأ كل شيء خلال فترة الحجر الصحي خلال أزمة كوفيد-19، حيث قضيت جل الوقت في بيتي، أعمل في العالم الرقمي؛ لذا قد كان لديّ متسع من الوقت، فشرعت في تصميم ما يستهويني حقًّا، فصرت أرسم كل ما يخطر في ذهني من عوالم ثلاثية الأبعاد، حيث أدمج العمارة بالفن الرقمي على شكل مساحات متخيلة تخرج عن المألوف، التي هي عبارة عن انعكاسات غير تقليدية لبيئتنا الحقيقية. إنها أفكار مستعارة من الحياة الواقعية ولكنها توضع في سياقات ساخرة وغير متوقعة، إن أعمالي بكل بساطة هي خروج من الواقع، نحو واقع متخيل، بعيدًا من العمارة التقليدية، وعن الفن بمفهومه الكلاسيكي.

هذه المساحات الخيالية تدرُس كيفية تأثير البيانات الرقمية والذكاء الاصطناعي على ثقافة التصميم المعماري. إنها تمثل وجهة نظري حول الممارسة التقليدية للهندسة المعمارية حيث أقوم بتصميم الصورة أولًا، لا المخطط. إن اللغة المعمارية لعملي الفني والتقني متجذرة في فكرة الهروب من الواقع والتفكير خارج الصندوق. المغزى من أعمالي هذه هو إثارة الناس والجمهور؛ إذ إنني أستطيع أن أصنع صورًا مثالية جدًّا لدرجة أنها تبدو واقعية رغم أنها متخيلة، وغالبًا ما يسألني الناس، «أين التقطتِ هذه الصورة؟» «أين يوجد هذا المبنى؟» لكن الحقيقة أنه غير موجود بتاتًا.

بعيدًا من عملي الكلاسيكي بوصفي مهندسة معمارية، أعتقد أن الفن الرقمي يمثل أداة عظيمة لطرح رؤيتي والوصول إلى جماهير أكبر، وبناء أسلوب فريد ومتسق. في نهاية المطاف، حلمي هو جعل هذه المساحات تنبض بالحياة، وصناعة نوع جديد من رواية القصص المعمارية، وهو نوع يجمع بين الواقع والخيال، وتجربة أحدث التقنيات لإنشاء بيئات رقمية، كما أنني أُومِن أن هذه التصورات الرقمية، قد تصبح في السنوات القادمة، الواقع الجديد لمهنتنا كمهندسين معماريين.

الخروج من الواقعي إلى الفانتازي

هل يمكنك أن تخبرينا بالتفصيل عن مشروعك الشخصي Exit الذي يدمج المعمار بالفن الرقمي؟

المشروع يسمى ‘Exit’ أي «خروج»؛ ذلك لأن أعمالي المعمارية والفنية بالمشروع هي بمنزلة خروج من الحياة الواقعية إلى واقع خيالي وفانتازي. وهو مشروع فني أعمل عليه منذ بضعة أشهر، يجمع مجموعة من المساحات المعمارية والفنية التي تكسر الجماليات الدنيوية للواقع المبني، حيث حاولت إنشاء بيئات رقمية وتجربة التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وبرمجيات التصميم لسرد قصص مرئية متخيلة لكن ذات رسالة ومغزى. لقد بدأت العمل على هذه المجموعة منذ بضعة أشهر فقط كاستجابة لواقع الممارسة المعمارية. أبدأ بلوحة فارغة من البرنامج التقني وأتعامل مع ما أشعر به. تبدأ القصة كمفهوم لإثارة إعجاب الجمهور بجماليات فائقة الواقعية، أتعمد في بعض الأحيان ترك عيوب حقيقية في تصميم المساحات المتخيلة لتشبه الواقع، حيث تبدو المساحات مبهجة، وأحيانًا مبهرة، ولكنها تظل على الدوام غريبة مقارنة مع الواقع.

إن أعمالي المعمارية والفنية تحمل طبيعة شخصية للغاية؛ لأنني أحب إثارة استفزاز الناس والجمهور. أظن أن ذلك هو المغزى من كل فن، كانت فكرة هذه التصاميم هي أنني أستطيع أن أجعل أي شخص يؤمن بأي واقع أريده، إذا جعلتها حقيقية بدرجة كافية. والآن بعد أن اكتشفت المزيد من البرامج التقنية، يمكنني أن أجعل الصور مثالية لدرجة أنها تكاد تكون واقعية.

ما الذي يلهمك في أعمالك، بين العمارة والفن؟

الحقيقة أن أشياء كثيرة تلهمني، قد يبدو الأمر متناقضًا، حيث إنه رغم أن أعمالي تستشرف المستقبل، لكن أكثر ما يلهمني هو العمارة التي أُنشِئَت قديمًا؛ إذ أشعر أن الهندسة المعمارية هي مهنة تتعلم فيها الكثير من الماضي، تجعله ملكًا لك، ثم تعيد اختراعه. أنا أستلهم أعمال العديد من المهندسين المعماريين مثل: ريكاردو بوفيل، وباولو مينديز دا روشا، ولويس باراجان، وبيتر زومثور. وأيضًا بعض الفنانين الرقميين الذين يعملون على الوسائط التقنية مثل: فيليب دوجاردان وفيليب شيرر.

دون أن ننسى الكتب، والأفكار الفلسفية التي تغني أعمالي المعمارية والفنية. أحد المفاهيم الكبيرة التي درستها بعناية شديدة هو اليوتوبيا المغايرة لميشيل فوكو التي يصفها بأنها مساحات استطرادية متحولة وغير متماسكة ومزعجة. إنها عوالم داخل عوالم وهو ما يشبه أعمالي في Exit. أنا أيضًا أسافر كثيرًا وأتأمل البنايات والإضاءة حتى الأصوات، أنا أحاول اثارة إلهامي بكل ما هو موجود حولي؛ ومن ثم صناعة عالمي الخاص.

بين العمارة والفن الرقمي

ما رأيك في استخدام البرمجيات الفنية التقنية في عملِ المعماريِّ؟ هل يَحدّ من الإبداع أم يزيده أم كلا الأمرين؟

هناك ضجة كبيرة حول التصميم الرقمي، وبخاصة الجيل الأصغر من المعماريين مثلي. إن ثقافة إنتاج المساحات المعمارية تتوسع فعليًّا في العالم الرقمي حيث يمكنك بيع التصميمات المعمارية الرقمية بآلاف الدولارات هذه الأيام. أحد أسباب ذلك هو أن البرامج أصبحت سهلة الاستخدام، ويمكن للجميع الوصول إليها؛ لذلك هناك مساحة أكبر لاستكشاف قدراتك الإبداعية. إنه نوع من التوسع خارج حدود ما يمكن فعله كمهندس معماري. أعتقد أنه أمر يحررك، حيث يمكنك الاستكشاف وإنتاج المزيد. في الماضي، كان الاستكشاف المعماري فيزيائيًّا، من خلال صنع النماذج والمواد المختلفة. أعتقد أنه عندما تعمل رقميًّا، يكون الأمر أسرع، ويمكنك اختبار خيارات متعددة. يستغرق الأمر وقتًا أطول عندما تفعل ذلك بالشكل التقليدي، وأظن أنه عاجلًا أم آجلًا، سوف ينتهي نُقاد هذا المزيج بين الفن الرقمي والعمارة، إلى تقبله، بل أظن أنه في القريب العاجل، سوف يصير ضروريًّا لمستقبل المهنة.

أخيرًا، في رأيك، ما مستقبل الفن الرقمي والذكاء الاصطناعي وتأثيرهما في عمل المعماري؟

سوف أتحدت بناءً على مساري الشخصي، أنا مهندسة معمارية في الممارسة العملية وأوسّع رحلتي الإبداعية إلى مجالات فنية وتقنية مختلفة، تتخذ منعطفات مفاجئة من حيث التعاون والمشاركة. أعتقد أن وجود أساس متين وخلفية فنية في الهندسة المعمارية هو أمر مهمّ جدًّا لكل معماري بهدف بناء صوته وبصمته الخاصة في الميدان.

بعيدًا من الصور الواقعية للغاية والتصوير الدقيق لما تبدو عليه المشاريع المبنية بمجرد اكتمالها، التقنيات الفنية الحديثة هي أدوات تسمح بتقديم ما هو أعمق من البناء المادي، فهي تساهم في مشاركة الأجواء والعواطف التي يصورها المهندسون المعماريون. إن استخدام الوسائط التقنية، جنبًا إلى جنب مع التركيبات المعمارية والفن والإضاءة والموسيقا في كثير من الأحيان، قد ولّد نوعًا جديدًا من رواية القصص المعمارية، وجعل من العمارة أكثر إنسانية وفنية، لا مجرد أعمدة خرسانية باردة.

المصدر: الفيصل

You may also like

اترك تعليقك :