Home مقالات تجربة عقد الإيجار الإلكتروني

تجربة عقد الإيجار الإلكتروني

by admin

د. أمين ساعاتي

رغم أن وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان قد أطلقت تطبيق (إيجار) منذ أربعة أعوام، إلا أنه ما زال يواجه بعض المشكلات والمعوقات التي تعوق تنفيذه بشكل سلس ومفيد لجميع الأطراف وذلك وفق الأهداف التي أطلق من أجلها. لقد كانت الوزارة تأمل من المواطنين أصحاب العلاقة التوجه نحو استخدام عقد الإيجار الإلكتروني الموحد بدلا من عقود الإيجار التقليدية التي كانت تسبب كثيرا من النزاعات بين طرفي العقد، وكان يجب تلافيها وعدم التورط فيها، علما بأن تطبيق (إيجار) يوفر خدمة التحقق من السلوك الإيجاري لطرفي العلاقة، ويسمح للمستأجر بتقييم سلوك المؤجر، وكذلك يمكن المؤجر من بناء علاقة إيجارية متوازنة وعادلة مع المستأجر.
إن عقد الإيجار الإلكتروني الموحد يعد تفكيرا شفافا ومتقدما لا يطلبه المجتمع العقاري فحسب، بل تطلبه القضايا التي ظلت تشغل دوائر المحاكم لأكثر من نصف قرن دون التوصل إلى حلول نهائية، كما أنها وبشكلها المشوه لم تنصف المستأجر ولا المؤجر، بل كانت ميدانا للخلافات والمهاترات والقضايا النزاعية. إن تطبيق برامج الحكومة الإلكترونية في جميع قطاعات الدولة مطلب أساسي في رؤية السعودية 2030، ولذلك فإن تطبيق عقود الإيجار الإلكتروني جزء لا يتجزأ من البرامج الإلكترونية التي توفر كثيرا من الوقت والجهد لتقنين وتنظيم قضايا المواطنين في جميع مجالات حياتهم، ولذلك فإن المطلوب من وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان أن تعمل على نشر التوعية والثقافة بأهمية استخدام عقد الإيجار الإلكتروني الموحد بصورة مستمرة وعلى أوسع نطاق، وأهم من ذلك أن تنشر الوزارة فوائد تطبيق هذا العقد على المستأجر والمؤجر على نطاق واسع لتعم الفائدة.

وإزاء أهمية هذه القضية فان المستأجرين والمؤجرين ينشدون استمرار الوزارة في التوعية بالعقد الإلكتروني، ولا ننكر أن الإدارة المختصة بهذا الموضوع في الوزارة قامت بجهود طيبة عند إنزال منصة (إيجار) في الشبكة العنكبوتية، ولكن ما نقصده هو أن الوزارة اكتفت بما عملته في الأيام الأولى من بناء المنصة، دون الاستمرار في بث الوعي بأهمية هذا التطبيق.
ولذلك فإن ما نطالب به هو مواصلة وضع الخطط الترويجية لاستخدام (إيجار) بصورة دائمة ومستمرة، ثم متابعة النتائج ونشرها على الجمهور حتى تقف الوزارة على حجم الإقبال على المنصة، ومن خلال ذلك يمكن للوزارة أن تقف على حجم النجاح أو الإخفاق – لا سمح الله.

إن وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان طرحت موضوع عقد الإيجار الإلكتروني في منصتها الإلكترونية دون تكثيف المتابعة، وما زال المستأجرون والمؤجرون يحتاجون إلى التعرف على هذا العقد. إن العقود الشائعة قبل ظهور عقد الإيجار الإلكتروني الموحد هي عقود تحتاج بالفعل إلى تجويد وإعادة صياغة حتى تغطي كل أبعاد العملية الإيجارية التي تراعي المصالح الخاصة والعامة لطرفي التعاقد المالك والمستأجر، وتوفر لطرفي العقد مزيدا من العدالة والتوازن.

إذن المشكلة تكمن في أن المؤجر والمستأجر لا يعرفان كثيرا عن العقد الإلكتروني الموحد، وهنا يأتي دور الإدارة المعنية في الوزارة بضرورة قيامها بوضع خطة لترويج العقد وإرسال رسائل توعوية من خلال وسائل الإعلام ابتداء من منصات التواصل الاجتماعي وحتى وسائل الإعلام التقليدي، وعندئذ ستحقق الوزارة الهدف الرئيسي من تصميم هذا العقد الذي أحسب أنه سيضع حدا للخلاف الضاري والمزمن بين المؤجر والمستأجر طوال أعوام طويلة ظلت مشكلات عقود الإيجار تقلق الدوائر الحكومية، وتؤذي طرفي العلاقة الإيجارية وهناك إحصائية غير رسمية تقول إن نحو 30 في المائة من القضايا التي تنظرها المحاكم هي القضايا الإيجارية، أي أن 30 في المائة من أعمال المحاكم هي أعمال تتعلق بالفصل في قضايا الإيجار العقاري، وكان يمكن لهذه القضايا أن تحسم من خلال العقد الإلكتروني الموحد الذي صمم كي يضمن حقوق طرفي القضية بالعدل والمساواة دون إشغال المحاكم بقضايا يمكن حلها من خلال عقود موحدة تتوافر فيها كل المواد اللازمة لتوفير العدالة بين طرفي القضية.

ولا شك في أن عقد الإيجار الإلكتروني الموحد يعد سندا تنفيذيا يضمن السداد إلكترونيا، وهذا من شأنه أن يقلص النزاعات ويضمن حلها بسرعة وسهولة، وإذا طلبنا وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان بضرورة الترويج والمتابعة لضمان استخدام العقد الإلكتروني الموحد في التعاقدات، فإننا نهيب ونحث المواطنين الاهتمام باستخدام العقد الموحد بدلا من استخدام عقود اجتهادية وتقليدية لا تتوافر فيها شروط العدالة والحيدة والإنصاف.

إن الاستمرار في ممارسة تطبيق العقود التقليدية لم يعد مطروحا في مجتمع بلغ شأوا كبيرا في مجالات تطبيق الأنظمة الرقمية، وأصبح من الدول التي ودعت الإجراءات التقليدية منذ عقد من الزمن، بل توغل المجتمع السعودي في تطبيق النهج الرقمي الذي جعل المجتمع من المجتمعات المتقدمة في استخدام تكنولوجيا المعلومات. إن كثيرا من قضايا المجتمع أصبحت تتحقق من خلال إجراءات رقمية توفر الوقت، وتحقق الجودة في الأداء، بل أصبحت مهارات استخدام التكنولوجيا واسعة الانتشار بين جميع طوائف المجتمع السعودي.

 

You may also like

اترك تعليقك :