Home تقارير معايير التصميم المستدام في الفنادق والمنتجعات.. البناء المتخصص في الضيافة

معايير التصميم المستدام في الفنادق والمنتجعات.. البناء المتخصص في الضيافة

by admin

أبنية – متابعات

تقف المنتجعات السياحية أمام مسؤولية تتجاوز الضيافة الفاخرة، لتشمل الالتزام البيئي والمجتمعي عبر معايير تصميم مستدامة؛ ليكون المصممين والمهندسين مواكبين لأفكار خلَّاقة، في عصر تتزايد فيه التحديات البيئية ويعلو فيه صوت الاستدامة.

المعايير – المذكورة – لا تُعنى فقط بتقليل استهلاك الطاقة والمياه، بل تمتد إلى هندسة المبنى، استخدام المواد، تجربة النزيل، وحتى البصمة الكربونية للموقع بكامله. اليوم، لم يعد التصميم المستدام رفاهية بل شرطًا أساسيًا في بناء منشآت ضيافة ذات قيمة مستقبلية.

ماذا يعني التصميم المستدام في قطاع الضيافة؟
يشير التصميم المستدام في الفنادق والمنتجعات إلى تطبيق مبادئ الهندسة المعمارية البيئية والذكية منذ مرحلة التخطيط الأولية، ليشمل دورة حياة المبنى بأكملها. يتضمن ذلك استخدام مواد بناء معاد تدويرها أو محلية، أنظمة إدارة ذكية للطاقة والمياه، تكامل مع البيئة الطبيعية المحيطة، واعتماد مصادر طاقة متجددة. كما يُراعي التصميم المستدام الصحة العامة للنزلاء والموظفين، من خلال تحسين جودة الهواء والإضاءة الطبيعية واستخدام المساحات المفتوحة بكفاءة.

شهادات ومعايير دولية في تصميم الفنادق المستدامة
تُعد شهادة LEED من المجلس الأمريكي للأبنية الخضراء من أبرز المعايير الدولية المستخدمة في تصنيف المباني المستدامة، بما في ذلك الفنادق. تُقيّم الشهادة مدى كفاءة الطاقة، إدارة المياه، استخدام المواد، جودة البيئة الداخلية، والابتكار في التصميم.
كذلك تُستخدم معايير BREEAM (المملكة المتحدة)، وEarthCheck (أستراليا) في التقييم البيئي للفنادق. وتُشير بيانات المجلس العالمي للسفر والسياحة (WTTC) إلى أن الفنادق الحاصلة على شهادة بيئية تحقق معدل استهلاك مياه وطاقة أقل بنسبة تصل إلى 30% مقارنة بالفنادق التقليدية.

نماذج عالمية لفنادق ومنتجعات اعتمدت التصميم المستدام

فندق Bardessono – الولايات المتحدة (كاليفورنيا)
يقع هذا الفندق الفاخر في قلب وادي نابا ويُعتبر من أوائل الفنادق في أمريكا التي حصلت على شهادة LEED البلاتينية. اعتمد Bardessono على تصميم يدمج بين الحداثة والوعي البيئي، حيث استخدم الخشب المعاد تدويره من أشجار الجوز والسرخس المحلي، وركّب أنظمة تهوية طبيعية لتقليل الاعتماد على التكييف الصناعي. كذلك، يعمل نظام تسخين المياه بالطاقة الشمسية، وتُعاد معالجة المياه الرمادية لاستخدامها في ري المساحات الخضراء. يمثل الفندق مثالًا رائدًا على كيفية التوفيق بين الفخامة والاستدامة البيئية في قطاع الضيافة.

فندق Premier Inn – “المملكة المتحدة”
يُعد هذا الفندق “فرع تاموورث” أول فندق في المملكة المتحدة يحصل على تصنيف “Zero Carbon” بفضل تصميمه المعتمد على الطاقة المتجددة بالكامل. تم تزويده بألواح شمسية، ونظام تسخين يعتمد على الكتلة الحيوية، بالإضافة إلى مواد بناء منخفضة الانبعاثات. كما تعتمد سلسلة Premier Inn على مراقبة استهلاك الطاقة بشكل لحظي عبر أنظمة ذكية تقلل الفاقد وتُحسّن الأداء البيئي. يتماشى هذا التوجه مع خطة المملكة المتحدة للتحول إلى مبانٍ ذات انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، ويُظهر كيف يمكن للفنادق الاقتصادية أن تتصدر مشهد الاستدامة أيضًا.

فندق Six Senses Zighy Bay “عُمان”
منتجع فخم يعتمد على مواد محلية في البناء، ومبادئ التهوية الطبيعية، مع اعتماد الطاقة الشمسية لتدفئة المياه. كما أن المنتجع يستخدم نظام إعادة تدوير للمياه الرمادية لري الحدائق، ويُعد من أوائل المنتجعات التي حصلت على اعتماد EarthCheck في المنطقة.

فندق Svart Hotel “النرويج”
فندق يُبنى ليكون محايدًا كربونيًا، يعتمد بالكامل على الطاقة الشمسية، ويُنتج من الطاقة ما يزيد عن حاجته بنسبة 85%. تصميمه الدائري المائي يعكس التوازن مع الطبيعة الجبلية والبيئية المحيطة.

فندق AlUla Sharaan Resort “السعودية”
يقع المشروع في قلب العلا التاريخية، ويُنفذ بالتعاون مع المعماري الشهير جان نوفيل. يعتمد المنتجع على استخدام التضاريس الصخرية لتوفير عزلة حرارية طبيعية، كما يُبنى ضمن خطة هيئة تطوير العلا للحفاظ على الطبيعة وتعزيز السياحة البيئية.

فندق he Park Hyderabad “الهند”
فندق حاصل على شهادة LEED الذهبية، صُمم لخفض استهلاك الطاقة بنسبة 30%، والمياه بنسبة 20%، مع اعتماد واسع على مواد بناء محلية ومعاد تدويرها.

لماذا تحتاج الفنادق إلى التصميم المستدام؟
​في ظل الطلب العالمي المتزايد على السفر المسؤول، أصبح النزلاء يبحثون عن فنادق تُراعي البيئة والمجتمع. يُظهر تقرير صادر عن Booking.com لعام 2024 أن 83% من المسافرين يعتبرون السفر المستدام أمرًا مهمًا، و67% منهم يشعرون بالإلهام لتبني سلوكيات أكثر استدامة في حياتهم اليومية بعد مشاهدة ممارسات مستدامة أثناء السفر. هذا الاتجاه يعكس تحولًا في عقلية المستهلك ويدفع العلامات الفندقية الكبرى لتبني الاستدامة كجزء من هويتها المؤسسية.​
إضافة إلى ذلك، تُسهم الاستدامة في خفض التكاليف التشغيلية على المدى الطويل، وزيادة عمر المبنى، ورفع قيمته السوقية. كما تُعزز من سمعة الفندق وتُكسبه ثقة المستثمرين والمنظمات البيئية، مما يفتح آفاقًا لشراكات استراتيجية وفرص تمويل خضراء.

تحديات مستقبلية وفرص مبتكرة
رغم المكاسب، لا تزال هناك تحديات تواجه تبني التصميم المستدام في الفنادق، أبرزها التكلفة المبدئية العالية، وضعف الوعي التقني في بعض الأسواق، وندرة الكفاءات المحلية المتخصصة. ومع ذلك، يُمكن التغلب على هذه العقبات عبر التحفيز الحكومي، وتكامل استراتيجيات التصميم مع التقنيات الذكية مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.

تسعى بعض الشركات الفندقية الكبرى مثل “Accor” و”IHG” إلى تطبيق تصميمات معيارية مرنة تدمج الاستدامة منذ التصميم إلى التشغيل، وتُطور أدوات لقياس أثر كل قرار تصميمي على الطاقة والموارد.

هل نحن مستعدون لعمارة الضيافة الخضراء؟
في النهاية، لم يعد السؤال هل نُصمم فنادق مستدامة؟ بل متى؟ وكيف؟ تصميم الفنادق لم يعد مجرد قضية جمالية أو فنية، بل هو خيار استراتيجي يمس سمعة العلامة التجارية، ورضا العملاء، ومستقبل الأرض. فهل سنشهد قريبًا فنادق تُولّد طاقتها، تُعيد استخدام مياهها، وتُبهر ضيوفها.. ليس فقط بفخامتها، بل بذكائها الأخضر؟

السؤال مفتوح.. والإجابة بيد معماريِّ المستقبل.

You may also like

اترك تعليقك :