أبنية – متابعات
تسهم الطبيعة الأم في بقاء الإنسان واستمتاعه بحياته، فكلَّما عاد إليها كانت له من أصولها، وعادت له كل المزايا التي يرجوها من الماضي. التقدم والتقنية حين اقترنت بالاستدامة صارت أقرب إلى الطبيعة التي فطرها الخالق – عزّ وجلّ – فارتقت به وبجودة حياته.
في ظل تزايد الاهتمام بالاستدامة وجودة الحياة داخل الأبنية، أصبح استخدام المواد الطبيعية في البناء والتصميم الداخلي محورًا أساسيًا لتحقيق بيئات صحية ومريحة. تُسهم هذه المواد في تحسين جودة الهواء الداخلي، تقليل التلوث الكيميائي، وتعزيز الراحة النفسية والفيزيائية للسكان.
فيما يلي نظرة على أبرز المواد الطبيعية المستخدمة في البناء، فوائدها، وكيفية استخدامها كبدائل للمواد الصناعية.
الخشب.. الدفء الطبيعي والتوازن البيئي
يُعتبر الخشب من أقدم المواد المستخدمة في البناء، ويتميز بقدرته على تنظيم الرطوبة وامتصاص ثاني أكسيد الكربون، مما يُحسن جودة الهواء الداخلي. كما أن استخدام الخشب في التصميم الداخلي يُضفي شعورًا بالدفء والراحة النفسية، ويُعزز الاتصال بالطبيعة، وهو ما يُعرف بتصميم “البيوفيليا”. دمج الخشب في المساحات الداخلية يمكن أن يقلل من مستويات التوتر ويُحسن الحالة المزاجية للسكان. كما أن الخشب يُسهم في تقليل استهلاك الطاقة من خلال خصائصه العازلة، مما يجعله بديلاً مستدامًا للمواد الصناعية مثل البلاستيك والمعادن.
تشير الدراسات إلى أن دمج الخشب في المساحات الداخلية يمكن أن يقلل من مستويات التوتر ويُحسن الحالة المزاجية للسكان. كما أن الخشب يُسهم في تقليل استهلاك الطاقة من خلال خصائصه العازلة، مما يجعله بديلاً مستدامًا للمواد الصناعية مثل البلاستيك والمعادن.
في هذا السياق، أظهرت دراسة مشتركة أجرتها جامعة كولومبيا البريطانية “UBC” ومؤسسة “FPInnovations” أن وجود الخشب في المساحات الداخلية يُقلل من نشاط الجهاز العصبي الودي، المسؤول عن استجابات التوتر في الجسم. يشير هذا إلى أن البيئات التي تحتوي على عناصر خشبية يمكن أن تساعد في تقليل مستويات التوتر وخلق أجواء مريحة.
الطين.. التهوية الطبيعية وتنظيم الحرارة
يُستخدم الطين في البناء منذ قرون، ويتميز بقدرته على تنظيم درجة الحرارة والرطوبة داخل المباني. كما أن الطين لا يحتوي على مركبات عضوية متطايرة “VOCs”، مما يُقلل من التلوث الكيميائي ويُحسن جودة الهواء الداخلي.
يُعتبر الطين بديلاً فعالاً للدهانات والمواد الاصطناعية التي قد تحتوي على مواد كيميائية ضارة. كما أن استخدام الطين في الجدران والأسقف يُسهم في تحسين العزل الحراري والصوتي، مما يُعزز الراحة داخل المبنى. ولعلّنا نفهم لماذا كانت بيوت الطين في الماضي أكثر دفئًًا في الشتاء، ورطوبة في الحرارة الحارقة.
الحجر الطبيعي.. المتانة والجمال الطبيعي
يُستخدم الحجر الطبيعي في البناء لما يتمتع به من متانة وجمال طبيعي. كما أنه لا يحتوي على مواد كيميائية ضارة، مما يُحسن جودة الهواء الداخلي ويُقلل من الحاجة إلى الصيانة الدورية.
يُعتبر الحجر الطبيعي بديلاً ممتازًا للمواد الصناعية، مثل الخرسانة والبلاط المصنع، حيث يُضفي لمسة جمالية طبيعية على المساحات الداخلية والخارجية. كما أن خصائصه الحرارية تُسهم في تنظيم درجة الحرارة داخل المبنى.
الصوف الطبيعي.. العزل الحراري والصوتي
يُستخدم الصوف الطبيعي، مثل صوف الأغنام، كعازل حراري وصوتي فعال في البناء. كما أنه مادة متجددة وصديقة للبيئة، ولا يحتوي على مواد كيميائية ضارة، مما يُحسن جودة الهواء الداخلي ويُعزز الراحة الحرارية.
يُعتبر الصوف الطبيعي بديلاً مستدامًا للعوازل الصناعية مثل الألياف الزجاجية والبوليسترين، حيث يُسهم في تقليل استهلاك الطاقة وتحسين الراحة داخل المبنى.
الطلاءات الطبيعية.. تقليل التلوث الكيميائي
تُستخدم الطلاءات الطبيعية، مثل الطلاءات المصنوعة من الطين أو الجير، كبدائل للطلاءات الصناعية التي تحتوي على مركبات عضوية متطايرة “VOCs’، تُسهم هذه الطلاءات في تقليل التلوث الكيميائي وتحسين جودة الهواء الداخلي.
تُعتبر الطلاءات الطبيعية خيارًا مثاليًا للأشخاص الذين يعانون من الحساسية أو الربو، حيث تُقلل من التعرض للمواد الكيميائية الضارة. كما أنها تُضفي لمسة جمالية طبيعية على المساحات الداخلية.
يُسهم استخدام المواد الطبيعية في البناء والتصميم الداخلي في تحسين جودة الحياة داخل الأبنية من خلال تحسين جودة الهواء، تقليل التلوث الكيميائي، وتعزيز الراحة النفسية والفيزيائية. مع تزايد الوعي بأهمية الاستدامة، يُتوقع أن يستمر استخدام هذه المواد في التوسع، مما يُحقق بيئات معيشية أكثر صحة وراحة.