أبنية – الرياض
على الرغم من الثورة الكبيرة التي أحدثها العمل عن بعد، خلال جائحة كورونا، بعد أن انخفض عدد الأمتار المربعة التي تؤجرها المؤسسات حول العالم، تعتقد الشركات العقارية الكبرى، وفق تقرير نشرته مجلة ليكسبرس الفرنسية، أنها قادرة على المقاومة وتملك من الأسلحة ما يكفي لمواجهة هذا الوضع الجديد الذي هز العقارات المكتبية. لقد تحول العمل عن بُعد إلى سلوك طبيعي لدى الكثير من الشركات، خاصة في ظل وجود مخاوف من موجة ثانية من وباء كورونا، مما سمح لها بتخفيض النفقات المرتبطة بالعقار والأمتار المربعة التي تستأجرها حتى تتمكن من اجتياز الأزمة بأقل التكاليف، وهذه الثورة لا تعد خبرا جيدا بالنسبة لملاك العقارات المكتبية ولا الشركات العقارية الكبرى، لكن المؤكد وفق ليكسبرس هو أن السيناريو الأسوأ غير مرجح تماما بالنسبة للقطاع. ويقول اوليفيي ايستاف، المندوب العام لكوفيفيو، وهي من أكبر الشركات العقارية في فرنسا، ان الشركات الكبرى تفكر في إدراج العمل عن بعد في نظام عملها، لكن لا توجد شركة واحدة تعتمد الانتقال إلى هذا النوع من العمل بنسبة 100 في المئة. ويضيف: «المكتب مهم ويعد أداة للترابط الاجتماعي في المؤسسة». غير أن عددا من الشركات أدرك بسرعة نتائج العمل عن بعد، فمجموعة PSA الفرنسية، التي تنتج سيارات سيتروين ودي اس وبيجو، تمكنت بعد الانتقال إلى العمل عن بعد من تقليص عدد الأمتار المربعة التي تستأجرها بمقدار مليون متر مربع، ووفق المدير العام لشركة الاستشارات، كوشمان اند ويكفيلد، فإن هذه النتيجة تحققت بفضل نظام عمل يعتمل على العمل عن بعد، بمعدل يومين في الأسبوع، مما سمح بتقليص عدد المكاتب بنسبة 40 في المئة. انخفاض الإيجارات وعلاوة على هذه الظاهرة الجديدة فقد دفع الوباء الكثير من الشركات الى تقليص عدد الموظفين، ما أدى إلى انخفاض حاجتها إلى المكاتب، والنتيجة هي انخفاض الطلب على المكاتب، وتشير التوقعات إلى أن الطلب على المكاتب سينخفض في باريس من 2.4 مليون متر مربع في 2019 إلى 1.3 مليون متر مربع هذا العام، أي بنسبة انخفاض تتراوح من 20 في المئة الى 45 في المئة وفق مكتب كوشمان أند ويكفيلد. وتوقع اوليفيي ايسناف من كوفيفو أن يواجه السوق صعوبات كبيرة على المدى المتوسط، مما سيؤدي إلى انخفاض محسوس في ايجارات المكاتب حول العالم. لكن نتائج قطاع العقارات المكتبية خلال النصف الأول من السنة لا تظهر تأثرا كبيرا، فشركات جيسينا العقارية، التي تملك في فرنسا مكاتب تزيد قيمتها على 16 مليار يورو، تعترف بتباطو نشاط التأجير خلال الثلاثي الثاني من السنة، لكنها أكدت أن العروض المسجلة تظهر مرة أخرى تفوقا حقيقيا للإيجارات في معظم مناطق باريس. والملاحظة نفسها تؤكدها مجموعة كوفيفيو، التي تملك مكاتب تزيد قيمتها على 12 مليار يورو، إذ أكد اوليفيي ايستاف أن سوق التأجير توقف تماما في كل دول العالم التي عانت من وباء كورونا خلال فترة الحجر الصحي، لكنه انطلق وشركته على سبيل المثال تلقت الكثير من طلبات الزيارة المبرمجة خلال هذه الأيام. إعادة تهيئة مقرات العمل وتعد ثورة العمل عن بعد فرصة أيضا بالنسبة للعاملين في قطاع العقارات المكتبية، لأنها ستقود إلى إعادة تهيئة مواقع العمل من خلال تقليص عدد المكاتب، وفتح فضاءات أخرى لخدمات جديدة، لأن على الشركات أن تبرر اليوم العمل في المكاتب وحاجتها إليها. ووفق المختصين في القطاع ستلجأ الشركات الكبرى إلى الاحتفاظ بمقر رئيسي مخصص للاجتماعات ويليق بسمعتها وصورتها مع عدد قليل من المكاتب، ومكاتب خلفية في مناطق أقل إيجارا بالنسبة للموظفين، الذين لا يرغبون في العمل عن بعد، غير أن هذه التطورات غير مخيفة بالنسبة لشركات العقارات المكتبية، ويشير اوليفيي ايستاف إلى أن هذه الشركات هي شركات مطورة في الأساس، وتملك الامكانات التي تسمح لها بالتكيف مع طلبات الزبائن وهذه ميزة في هذه البيئة التي تتميز بالمرونة والتنافسية.