فهيد العديم
امتلاك السكن في المملكة كان ولا يزال من التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه معظم فئات المجتمع، لأسباب مختلفة ومتشابكة، وعلى الرغم من الحلول الكثيرة المطروحة على مدار العقود الماضية، خاصة في الأعوام الأخيرة مع طرح رؤية السعودية 2030 وبرامجها، إلا أن هذا القطاع لا يزال بحاجة إلى قفزات أكثر تسارعا.
والمتتبع للحلول المطروحة مؤخرا في قطاع البناء والتشييد في الساحة المحلية، لا بد أن يتوقف عند مصطلح «تقنية البناء»، وهو من الحلول المستخدمة عالميا، ولنا معها تجارب محلية ناجحة على مدار الأعوام السابقة، غير أنها أدرجت مؤخرا في السوق السعودي على نحو غير مسبوق من خلال الاهتمام بتوطينها كصناعة وحل رئيس من حلول السكن، وهو ما تجسد في «مبادرة تحفيز تقنية البناء»، إحدى مبادرات تحفيز القطاع الخاص بإشراف برنامج الإسكان وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية.
ويشير مصطلح تقنية البناء إلى تحويل الجهد المبذول في عملية البناء والتشييد إلى المصانع بنسبة تتجاوز الـ 70% فيما يكون الجهد المتبقي في موقع البناء، وتأخذ تقنية البناء أنماطا مختلفة تتراوح ما بين المباني الجاهزة مسبقة الصنع، ونمط البناء الهيكلي وهو أسلوب بناء يعتمد على أعمال هيكلية يتم تجهيزها في المصنع كمرحلة أولية، أو من خلال صب الألواح والجدران في الموقع.
وعلاوة على النماذج الناجحة التي تقودها اليوم مبادرة تحفيز تقنية البناء من خلال شباب وفتيات الوطن، والتي كان باكورتها نموذج للبناء في يومين في ديسمبر من العام الماضي، تعمل المبادرة على التوازي على تحفيز المستثمرين المحليين والإقليميين والدوليين على توطين صناعة تقنية البناء، وكذلك دعم مقاولي تقنية البناء لتطوير وتنمية قدراتهم، ودعم المطورين العقاريين وتحفيزهم لاعتماد تقنية البناء في سبيل توفير أفضل الحلول السكنية للمواطن السعودي.
ولكن السؤال الأهم:
لماذا تقنية البناء؟ تسهم تقنية البناء بشكل مباشر في رفع مستوى كفاءة المبنى، بإضافة إلى خفض وقت التنفيذ والعيوب، ومخاطر الصحة والسلامة والأثر البيئي، إضافة إلى ما توفره من زيادة في المعروض بتكلفة تنافسية ووقت قياسي، وما تولده من وظائف جديدة جاذبة للتوطين، إضافة إلى تقليل الاعتماد على العمالة الوافدة في قطاع البناء التقليدي.
واليوم هذه الحلول خرجت من إطار التنظير والمحدودية إلى الإتاحة إلى الجمهور عبر تجربة فريدة في مشروع العيينة شمال مدينة الرياض تحت شعار «بيتنا بكيفنا»، حيث يمكن اليوم للأسر السعودية الذهاب إلى موقع المشروع للتعرف على نماذج تقنية البناء والحلول والأساليب المستخدمة، كما يمكن للمستفيدين من منحة وزارة الإسكان استخدام هذه الحلول في بناء مسكن، عبر حزمة من الخيارات التي تشمل أدق التفاصيل للوصول إلى منزل العمر من 3 إلى 6 شهور فقط.
المأمول في الفترة القادمة هو تعميم تجربة العيينة في مختلف مناطق المملكة، وألا يكون هذا المشروع تجربة عابرة تمر مرور الكرام.
* صحيفة مكة