أبنية – خاص
تظل بعض الأفكار حبيسة الفكر لا تخرج إلى النور. فكما توجد أعمال أدبية اكتُشِفت بعد رحيل أصحابها، كانت الأوراق كفيلة أيضًا بإخفاء بعض التصاميم في أدراج وأروقة الأرشيفات، فكان الظلام مصيرًا لها، حتى تم اكتشافها عن طريق الصدفة أو من خلال الباحثين؛ لتُكتَب لها الحياة في عيون المجتمع بعد ذلك.
وعلى نهج تعددت الأسباب والموت واحد، فقد كان كثير من التصميمات لا يرى النور نتاج موت أصحاب هذه الأفكار أو عدم وصول الفكرة إلى حد القناعة، كونها مثالية بشكل كبير، أو وقوع بعض المشكلات المادية التي جعلت من المطوِّرين ينسحبون بشكل مفاجئ. في كتاب “أطلس العمارة التي لم تُبْنَ أبدًا” المتاح للنشر عام 2024، من تأليف غريغ غولدين، وسام لوبيل، يتضمن حوالي 350 مشروعًا تم اختصارها من عدد هائل يصل إلى 5 آلاف عمل خلال القرنين العشرين والحادي والعشرين.يستشرف المؤلفان مناظر طبيعية ومدنًا حيث لا تشكل الأموال عائقًا، وتُزال العقبات البيروقراطية، ويحقق الرواد أفكارهم الأكثر وضوحًا.
معبد الكوارث
لم يُؤخذ تصميم معبد الكوارث الذرية للمعماري الياباني سييشي شيراي على محمل الجد في عام 1954، لكنه حظي بالتقدير كجزء من أعمال المعماري الواسعة في مراحل متأخرة من حياته. انبنت فكرة الهيكل على تصميم هادئ،ولكنه كان جادًا لمعبد؛ ساعيًا لتحقيق “نقاء شكلي” وكان يشبه السحابة الفطرية، وفقاً للمؤلفين. تم نشر الخطط في نفس العام الذي اكتمل فيه حديقة السلام في هيروشيما التي صممها كينزوتانغ، ولم تُؤخذ الخطط على محمل الجد، رغم أن شيراي قد تم الاعتراف بتصميمه بعد عقود عندما حصل على جائزة بريتزكر بعد وفاته.
المدينة المخططة
تُعد وفاة المعماري البولندي ماثيو نوويكي في حادث طائرة عام 1950 نقطة تحول في تاريخ العمارة، حيث كان من المفترض أن يتولى الإشراف على مشروع تحويل مدينة شانديغار في شمال الهند. هذا الدور آلت إليه المعماري السويسريالفرنسي لو كوربوزييه، الذي عُرف بعمله المستمر لعقود في تصميم المدينة المخططة، مما أثرى تراثها المعماري بلمساته الفريدة.
أبراج الحجر
كان مشروع “أبراج الحجر” الذي صممته المعمارية الشهيرة زها حديد في القاهرة في عام 2009 يتضمن إنشاء 18 مبنى سكنيًا، بالإضافة إلى فندق فاخر من فئة الخمس نجوم. ومع ذلك، ورغم الرؤية المعمارية الطموحة لهذا المشروع، قرر المطورون التراجع عنه بشكل هادئ، مما ترك هذه الفكرة المبتكرة حبيسة الأوراق والتصميمات.
نجارين: متحف الإنسانية
في سياق آخر، كان يُفترض أن يُبنى في كينيا تكريم بدائي لتاريخ البشرية من تصميم دانييل ليبسكيند، تحت عنوان “نجارين: متحف الإنسانية”، في الوادي المتصدع العظيم. ولكن، أدت وفاة مؤسس المشروع، ريتشارد ليكي، في عام 2022، إلى توقف المشروع، وتغير موقع البناء مما جعله غير متوافق مع التصميم الأصلي، ليُظهر كيف أن فقدان الشخصيات الرئيسية يمكن أن يؤثر بشكل كبير على المشاريع المعمارية الطموحة.
وهذه أيضًا لم ترَ النور
بعض المشاريع لم تتمكن ببساطة من جمع التمويل اللازم، مثل المركز الوطني للموسيقى الجاز في نيو أورليانز الذي كان من المفترض أن يصبح رمزًا ثقافيًا جديدًا بعد إعصار كاترينا، أو كنيسة مثالية في مدينة أوليسندبالنرويج، كانت بنيتها الخرسانية تحاكي المناظر الطبيعية الجبلية لكنها انتهت لتكون مكلفة جدًا لتبرعات الرعية. وقد شملت المشكلات المالية العادية فندقاً في لاس فيغاس يسمى “كسانادو” كان من المقرر أن يغير شكل الشريط عام 1975، لكنه أُلغي بسبب خلافات حول من سيتحمل تكاليف خطوط الصرف الصحي.
آمال واردة التحقق
في خضم هذا الأعمال تظل هناك أعمال تلوح في الأفق أن يتم إعادة النظر في هذه الأعمال، والعمل على قراءتها بشكل جديد يتناسب مع الاتجاهات المعاصرة، من خلال برامج التصاميم المتطورة وتقنيات الذكاء الاصطناعي.