إسماعيل الحمادي
المتتبع للتقارير الخاصة بالتصرفات العقارية في دبي، والراصد لمنحنى المبيعات على مستوى خريطة الإمارة ونوعية صفقات البيع، خلال الفترات الأخيرة، لاسيما العام الجاري، يجد أن عدد صفقات البيع في السوق الثانوية (إعادة بيع العقارات) أعلى بكثير، مقارنة بعدد صفقات البيع من المطور مباشرة.
الفجوة كبيرة بالنظر إلى المعروض العقاري المرتفع في السوق من المطور مباشرة، وقيمة صفقات إعادة البيع المرتفعة، ما يعكس حقيقة أن القطاع العقاري في دبي اليوم يشهد وجهاً آخر من المنافسة، يجري بين المطور والمتعامل الذي اشترى العقار منه!
فنتساءل: ما الأسباب التي تقف خلف هذه النتيجة؟ وكيف يمكن للمطورين تقليص حجم هذه الفجوة؟
محركات السوق الثانوية، أو بالأحرى إعادة البيع واضحة جداً، إذ يمثل «السعر» السبب الرئيس في ذلك، حيث إن أسعار إعادة بيع العقارات أصبحت أقل من أسعار المطور مباشرة، الأمر الذي أسهم في تعزيز جاذبية السوق الثانوية للمستثمرين على حساب العقارات المباشرة من المطور، لاسيما مع توافر «الكاش» لدى الكثير من المشترين، خصوصاً المستخدمين النهائيين للعقار، ما يدفعهم إلى الشراء من السوق الثانوية، لملاءمة السعر لمحافظهم المالية، مقارنة بالمطور.
وهناك عوامل عدة جعلت سعر السوق الثانوية أقل، أهمها «التصفية» بسبب تعثر التمويل لدى بعض المشترين، وعدم قدرتهم على مواصلة تسديد الدفعات، وغرامات التأخير المترتبة عليهم، إضافة إلى دافعين آخرين أراهما مهمين جداً من وجهة نظري: الأول يتمثل في قلة وعي بعض المستثمرين وعدم فهمهم لدورات وتقلبات السوق، فضلاً عن اتخاذهم قرارات بيع عقاراتهم بسبب الذعر والتفكير القصير المدى عن الاستثمار، بناء على معلومات مغلوطة وتحليلات لا أساس لها من الصحة، كتلك المعلومات المتعلقة باستمرار تراجع الأسعار، ما دفع الكثير إلى تصفية عقاراتهم بسعر أقل من المطور، خوفاً من مستقبل السوق.
أما العامل الثاني، فيتمثل في تذمّر بعض المستثمرين من قيمة رسوم الخدمات المرتفعة، وعدم تقبلهم للوضع، كون قيمتها أثرّت سلباً في ميزانياتهم المالية، فكانت دافعاً لإعادة بيع وحداتهم.
وبين التعثر المالي وقلة الوعي وقيمة رسوم الخدمات، تبقى النتيجة واحدة، وهي تغلب كفّة سوق إعادة البيع على سوق المطور، وبالمنطقة الواحدة نفسها، وعلى المطورين البحث عن السبل وإيجاد الحلول الملائمة لموازنة هذه الكفّة، وتجنب تكدس منتجاتهم العقارية، كما عليهم فهم أن عملية المنافسة اليوم لم تعد فقط بين مطور وآخر، بل بين مطور ومشترٍ منه، وهي المنافسة الأصعب، وعليه التغلب عليها بالطرق المناسبة والمتاحة، أبسطها إيجاد حلول ناجحة للمتعثرين في دفع الأقساط، بما يخدم المتعثر والمطور والسوق معاً، ومقاربة الأسعار في المنطقة الواحدة.