Home أخبار الأراضي.. تفكيك الاكتناز بالتطوير

الأراضي.. تفكيك الاكتناز بالتطوير

by admin

أبنية – الرياض

تعاني دول كثيرة حول العالم من بينها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وأيرلندا والهند والصين مشكلة اكتناز الأراضي، ورغم توسع الدراسات في استخدام مصطلح اكتناز الأراضي، إلا أن البعض يؤكد أن هناك فرقا بين مشكلة اكتنازها والاحتفاظ بها كرصيد أو مخزون، والفرق بسيط لكنه مهم جدا، ففي كثير من الدول التي حققت تقدما ملحوظا في حل مشكلة الإسكان من خلال منح الأراضي للمطورين الذين يعملون مع البنوك لتطوير الأراضي، فغالبا ما يكون لدى هذه الشركات المطورة مخزون أراض كاف لاستمرارية الأعمال، فهي تعمل على الحصول على المساحات، سواء من خلال المنح الحكومية أو من خلال الشراء المباشر للأراضي الخام، والهدف من ذلك هو الفوز بأسعار معقولة، لكن في العادة لا يتم تطويرها فورا، بل قد تعمل الشركة على تطوير مساحات أخرى، وعند الانتهاء من تلك المساحات وتسليم المباني للسكان وتسلم النقد، تبدأ بالمساحات التي سبق شراؤها، وهذا النوع من الاحتفاظ بها يكون الهدف منه استمرارية الأعمال وليس الاحتكار والاكتناز، لكن هناك في الجانب الآخر شركات وأفراد، بل حتى جمعيات نفع عام ومؤسسات عامة مستقلة تعمل على تخزين الثروة في العقار، بحيث تكتنز أراضي واسعة دون هدف تطويرها، بل بهدف الانتظار أعواما حتى ترتفع أسعارها بحدة ثم بيعها دفعة واحدة لمطوري الأراضي، وهذا النوع من الاكتناز أو الاحتكار ضار، وهو سبب أساسي في ارتفاع أسعار العقارات، وهو الذي تعمل كل الدول في العالم لمحاربته، وهناك نوع مختلف من الاكتناز، حيث تكون الأنظمة والتشريعات هي السبب في ذلك، فالتغيرات المستمرة في التشريعات وطول مدة منح التصريحات بالتطوير قد تجعل الأراضي شبه مكتنزة، بينما شركات التطوير جاهزة فعليا لبدء التطوير، وهذا النوع على الأقل هو ما تعانيه بعض الدول الغربية من مشكلة الاكتناز فالاشتراطات وعدم تعاون الأجهزة المعنية قد يؤخر بشكل ملحوظ من البدء في البناء و التطوير، ما يفاقم مشكلة الإسكان في تلك الدول.

وفي المملكة تبدو مشكلة اكتناز الأراضي، التي تسمى إعلاميا بالأراضي البيضاء محصورة بين النوعين الأول والثاني، فإما أن يكون الاكتناز من قبل شركات التطوير في انتظار المرحلة، وإما في توسع الأفراد والشركات في مسألة احتكار الأراضي وبيعها بسعر أعلى في المستقبل، أو استخدامها لتعظيم قيمة الشركة من خلال عملية إعادة التقييم في كل فترة محاسبية.

لكن مع ذلك، فإن تقرير ما إذا كان الاكتناز من النوع الأول أو الثاني تظل مشكلة بحد ذاتها، فالنية هي الفيصل بين الأمرين، ويصعب اكتشاف نية الشراء، لذلك فقد اتجه المنظم السعودي إلى طريقة وسط من أجل كشف النية من اكتناز الأرض، ومثال ذلك ما صدر قبل أيام من برنامج الأراضي البيضاء بشأن فوترة الدورة الثانية للمرحلة الثانية من رسوم الأراضي في مدينة الرياض لـ1445/ 1446، حيث تمت دعوة ملاكها الخاضعة للرسوم إلى المبادرة بإعمار أراضيهم أو السداد خلال عام من تاريخ إصدار القرار، ورغم صدور الفاتورة فقد منح المنظم خيارات أمام الملاك الخاضعة للتنظيم، وعلى الملاك اتخاذ قرار واضح بشأن النية من امتلاك هذه الأراضي في مهلة عام كامل من تاريخ إصدار الفواتير، فإما أن يتم خلالها سداد الرسم أو إعمار الأرض من قبل ملاكها.

فهذه المهلة للسداد تمنح الملاك العمل بجد من أجل توفير مبلغ الفاتورة في استكمال بناء المنشآت على الأراضي بما يتفق مع ترخيص البناء الصادر، فالهدف من الفوترة واضح جدا، فليست ضريبة عقارية وليست من باب زيادة إيرادات الدولة، بل هدفها مهم وهو زيادة المعروض العقاري من المنتجات العقارية والأراضي المطورة والحد من الاحتكار، وقد استخدم برنامج الأراضي البيضاء طريقة فعالة لتحفيز المكلفين بإعمار أراضيهم وتطويرها خلال فترة السماح بالسداد، ويجب الإشارة هناك إلى أن مشكلة الاكتناز، التي تواجه عددا من الدول الغربية تعود في أصلها إلى مشكلة تنظيمية قد حلها المنظم السعودي من خلال تحفيز المكلفين على التطوير بآليات الدعم، التي توفرها وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان مثل مركز إتمام، الذي تم إنشاؤه في 1441، لتعزيز حجم الاستثمارات في القطاع السكني بزيادة حجم المعروض من الوحدات السكنية، كما تم تطوير بوابة رقمية للمطورين العقاريين للحصول على الخدمات، ويتولى المركز كذلك مهمة متابعة طلبات التراخيص والاعتمادات، وكذلك دراسة مراحل عمليات التطوير العقاري، وتيسير الإجراءات بما يسهل أعمال المطور العقاري، ويدفع بعمليات تطوير المشاريع السكنية.

وإذا كان المنظم السعودي قد منح كل هذه المزايا للمطورين لتتم معالجة مشكلة الاكتناز وكل القضايا المحيطة بها، وعلى المكلفين الاختيار بين دفع الفاتورة وبين تطوير الأرض، فإن عوائد الفاتورة وضعت نظاما على مخالفة عدم السداد وهي غرامة تصل إلى 100 في المائة من قيمة الرسم، إضافة إلى سداد الرسوم المستحقة، وبهذا فقد عالج المنظم كل القضايا ذات الصلة باكتناز الأراضي، ومع ذلك، فإنه من المهم توسيع نطاق فواتير الأراضي البيضاء لتكون عامة، ولا سيما أن الدعم أصبح متاحا بشكل غير مسبوق.

You may also like

اترك تعليقك :