فهد الطبيب
كثيرة هي الأفكار التي قد قمت باقتراحها سابقا، أفكار استثمارية، تجارية، وتقنية، هذه الأفكار لا شك أنها قابلة للتطوير عبر دراستها بشكل أعمق وقد تكون نواة لفتح آفاق جديدة.
على اية حال، الفكرة محل الطرح اليوم تتمحور حول مبدأ التأجير القائم على المشاركة. مشاركة صاحب العقار للمستأجر، و الأشراف المباشر من المصرف على تلك العلاقة العقارية التجارية القائمة بين اطراف العلاقة الثلاثة (المصرف/ صاحب العقار/ التاجر) ، وذلك بعد تقديم دراسات الجدوى المصاحبة والمنظمة لتلك العلاقة.
كيف يكون ذلك؟
لنفترض انني قد قمت باقتراض مليون ريال من أحد المصارف التجارية، وقمت بتشييد معرض تجاري على أرض أملكها بعد رهنها لصالح المصرف.
بعد تشيدي للمعرض التجاري المفترض، تقدم لي أحد المستثمرين بفكرة إنشاء مطعم راقي، وبدلا من قيامه بدفع إيجار سنوي، اقترح صاحب المطعم بأن يقوم بدفع ما نسبته 10% من مبيعاته الشهرية عوضا عن الإيجار الشهري الثابت و الفاقد للمرونة المطلوبة لمواجهة تقلبات السوق، ومبيعات المطعم.
لنأخذ الآن فكرة المقترح على أرض الواقع. على سبيل المثال، اذا كانت مبيعات المستأجر (المطعم) الشهرية 100 ألف ريال سعودي ، فسأحصل كصاحب عقار على مبلغ 10 آلاف ريال كقيمة للإيجار، وهذا قد يعادل قيمة القسط الشهري الثابت، و المتفق عليه مع المصرف الممول للعقار المغطى كاملا بقيمة الأرض.
يسدد القرض العقاري كاملا مع الفوائد بشكل قسط شهري ثابت، و الذي كما أسلفنا تبلغ قيمته مليون ريال سعودي، وتم بموجبه تشيد كامل المبنى الذي تم تأجيره لصالح صاحب المطعم، بعد وضع دراسات الجدوى وموافقة المصرف.
علما بانه اذا بلغت مبيعات المطعم في الشهر 200 ألف ريال فسوف نحصل انا شخصيا كصاحب للعقار على مبلغ 20 الف ريال، سيذهب 10 آلاف ريال منها للمصرف، و 10 آلاف ريال الاخرى لي انا شخصيا كأرباح.
اما اذا كانت مبيعات المطعم الشهرية لا تتعدى مبلغ 50 ألف ريال، فهذا يعني بأنني سوف أحصل على مبلغ 5 آلاف ريال فقط، ولن أتمكن من دفع كامل قسط القرض العقاري للمصرف، وهنا سيحدث التالي:
سيحصل المصرف على مبلغ 5 آلاف ريال من المقترض مباشرة، وهذا كما اسلفنا يمثل نصف قيمة القسط الشهري للقرض، على أن يقوم المصرف بإصدار “سند” قابل للتداول في الاسواق بقيمة المبلغ المتبقي من القسط، وهو 5 الاف ريال سعودي، والحصول على كامل قيمة القسط العقاري الشهري. مع العلم بان قيمة السند تعادل نسبة محددة من قيمة التمويل العقاري، وبالتالي العقار نفسه، وكذلك أيضا المبيعات .
من الضروري بأن لا تتعدى نسبة السندات المصدرة على القيمة الكلية للقرض نسبة 30 % الى 50% من قيمة القرض، وذلك يعود لعدة اسباب، وعلى راسها وجود مالك رئيسي للعقار، مسؤول مسؤولية تامة عن القرارات النهائية الخاصة بالعقار، القرض، إدارة العلاقة مع صاحب المشروع القائم (المطعم) المشيد على ذلك العقار، وكذلك إدارة العلاقة مع المصرف. وجود مالك و مؤسس رئيسي سيكون بمثابة الضامن العام للمشروع، فهو المدير العام لكامل المشروع. حيث من المفترض بان يسعى هذا المالك على نجاح و استمرارية المشروع، والحفاظ على نموه وتنافسيته لصالحه كمالك رئيسي، وصالح باقي الأطراف ذو العلاقة.
في هذا المثال، قيمة السند الصادرة من قبل المصرف، والمباع للمستثمر المحتمل بقيمة خمسة الاف ريال، وهذا المبلغ يمثل المتبقي من القسط الشهري، اي نصف في المية (0.5%) من القيمة الكلية للتمويل العقاري، وبالتالي الحصول على نفس النسبة من المبيعات الشهرية للمطعم.
بموجب هذا الاتفاق سيكون العائد على السند 0.5% من مبيعات المطعم.
اذا كانت المبيعات الشهرية 10000 سيحصل حامل السند على مبلغ 50 ريال شهريا. 600 ريال سنويا، اي بعائد قدره 12% سنويا. حيث ان قيمة السند الذي قام بشرائه كما اسلفنا هو 5000 ريال، قيمة قابلة للارتفاع و الانخفاض، وذلك حسب أداء المطعم والعائد المصاحب، وبالتالي العائد المترتب على السند. مثله في ذلك اداء سهم محدد على منصات تداول الاسهم.
لماذا هناك من قد يكون مهتم بشراء مثل تلك السندات؟
دعونا نعود إلى نواة، او محرك دفع القرض الرئيسي وهو المطعم القائم على العقار، و المشيد بتمويل من المصرف.
بعد مرور مزيد من الوقت، و مع تحقيق النمو المتوقع لمبيعات المطعم الشهرية، و زيادة التدفقات النقدية جراء ذلك، وفي المقابل استمرار ثبات قسط القرض والبالغ 10 آلاف ريال، يعد هذا بالأمر المغري استثماريا، يعود على حامل السند بعائدات جيدة قابلة للنمو.
سيحصل صاحب السند على نصف في المائة من المبيعات قبل المستثمر الرئيسي وكذلك المصرف، طوال فترة حمله للسند و القابل للتداول.
اتمنى ان تكون قد وضحت الفكرة!
تلك الفكرة ستمنح المزيد من صغار المستثمرين مثل اصحاب المطاعم، والمقاهي و المشاريع الصغيرة في البدايات فرصة للوقوف على ارجلهم، والحصول على فرصة جيدة للاستمرار، النمو، و النجاح.
كذلك ايضا، هذا المقترح سيمنح شريحة كبيرة جدا من المستثمرين فرصة للدخول والاستثمار في قطاعات مختلفة.
من الممكن بأن نطلق على هذه الفكرة ” التمويل التعاوني” حيث سيتم توزيع المخاطر على شريحة كبيرة من رواد الاعمال، المستثمرين الملائكيين، العقاريين، و المصارف.
هنا كذلك من الممكن بأن تدخل شركات التأمين على الخط، وتقوم بتوفير الحماية لحاملي السندات.
المصدر: مال