أبنية – خاص
تُعتبر محطة سستو سان جيوفاني في ميلانو مشروعًا نموذجيًا يعكس فلسفة رينزو بيانو في الدمج بين الحداثة والوظيفة البيئية. صُمّمت المحطة لتكون مركزًا حضريًا جديدًا يربط بين الأحياء المحيطة، ويُسهل التنقل عبر المدينة، مع احترام السياق المعماري والتاريخي للمنطقة. استخدم بيانو الزجاج والفولاذ كمواد رئيسية لبناء سقف ضخم يمتد على مساحة تزيد عن 110 أمتار، ما يسمح بدخول الضوء الطبيعي بكفاءة ويُقلل الحاجة إلى الإضاءة الاصطناعية خلال النهار.
دمج المحطة في النسيج الحضري
الهيكل الزجاجي لا يمنح فقط انطباعًا بصريًا جذابًا، بل يعزز أيضًا من شفافية الفضاء العام وارتباطه بالبيئة المحيطة. وبحسب تقرير منشور في مجلة Domus الإيطالية المعمارية (2023)، فإن التصميم يهدف إلى إعادة دمج المحطة في النسيج الحضري المحيط بها، لتكون بمثابة “جسر حضري” يربط بين جانبي المدينة اللذين فصلتهما السكك الحديدية لعقود. تُجسد المحطة مفهوماً معماريًا جديدًا لمحطات القطارات: فضاء ديناميكي، مضيء، ومنفتح على المدينة بدلًا من كونه نقطة عبور مغلقة.
تصميم معماري يدمج الشفافية والإضاءة الطبيعية
يُعد استخدام الزجاج في تصميم محطة سستو سان جيوفاني علامة فارقة في مشاريع البنية التحتية الحضرية، حيث أتاح للمعماري رينزو بيانو تحويل المحطة إلى مساحة مضيئة وشفافة ترحب بالركاب عوضًا عن كونها مجرد نقطة عبور تقليدية. السقف الممتد بطول 110 أمتار وعرض 28 مترًا يخلق تأثيرًا بصريًا يُضفي خفة على المبنى، ويُوفر بيئة طبيعية مريحة، وهو ما يتماشى مع التوجه الأوروبي نحو التصاميم المستدامة التي تقلل من الاعتماد على مصادر الطاقة الصناعية.
ولا يقتصر التصميم على الإضاءة فقط، بل يشمل ممشى زجاجيًا مرتفعًا يربط بين جانبي المدينة، ما يحوّل المحطة إلى رابط عمراني يعيد توحيد الأحياء التي كانت تفصلها السكك الحديدية. هذا الجسر الشفاف لا يُسهّل الحركة فقط، بل يمنح الزائرين تجربة بصرية بانورامية على أحياء ميلانو الصناعية والتجارية المتجددة. وقد أشار تقرير نشره The Plan (2023) إلى أن هذا الممشى يمثل أحد أهم العناصر التي تُرسخ المفهوم الجديد لمحطات القطارات كمساحات تواصل اجتماعي ومدني.
كما يتكامل هذا المفهوم مع الخطط الأشمل لتجديد مدينة سستو سان جيوفاني، حيث تلعب المحطة دورًا محوريًا في إعادة هيكلة المشهد الحضري. المبنى لا يعمل فقط كبنية نقل، بل كأداة لإحياء الحياة في المنطقة، ما يُبرز فلسفة رينزو بيانو في “إدخال الحياة إلى الأماكن العامة”.
تأثير المحطة على البيئة الحضرية المحيطة
تُعتبر محطة سستو سان جيوفاني جزءًا من مشروع تجديد حضري أوسع يهدف إلى إعادة تأهيل المناطق الصناعية السابقة وتحويلها إلى مساحات حيوية متعددة الاستخدامات. من المتوقع أن تسهم المحطة في تحسين التنقل وتسهيل الوصول إلى المناطق الجديدة، مما يعزز من جاذبية المنطقة للاستثمارات والسكان الجدد.
علاوة على ذلك، يُتوقع أن يؤدي التصميم المبتكر للمحطة إلى رفع معايير تصميم محطات القطارات في المستقبل، مع التركيز على الاستدامة والاندماج مع البيئة الحضرية المحيطة.
ختامًا، هذا المشروع يُبرز كيف يمكن للهندسة المعمارية أن تؤدي دورها المحوري في إعادة تشكيل المدن، بالإضافة إلى فكرة أشمل وهي تحسين جودة الحياة فيها، فيجمع فعالية العرض مع شباب الحياة المدنية.
