أبنية – خاص
تُعد الزلازل من أكثر الكوارث الطبيعية تدميرًا، حيث تؤدي إلى خسائر بشرية ومادية جسيمة. ولمواجهة هذا التحدي، طوّرت العديد من الدول تقنيات ومواد بناء مقاومة للزلازل تهدف إلى تقليل الأضرار وحماية الأرواح.
في سياق السطور القادمة، يمكننا إلقاء نظرة على بعض هذه المواد، وكيفية استخدامها في دول مُعرَّضة للزلازل، وذلك وفق طبيعتها كونها تقع في حزام هذه الظاهرة الكارثية، ما جعل بعضها يطبِّقون الاعتماد عليها ضمن لوائح أكثر صرامة من أجل البقاء.
الخرسانة المسلحة بالصُلب “Reinforced Concrete”
تُعد الخرسانة المسلحة بالصلب من أكثر المواد استخدامًا في البناء المقاوم للزلازل، حيث يُضيف التسليح بالصلب إلى الخرسانة الهشة مرونة وقدرة على امتصاص الطاقة، مما يُمكّن المبنى من التكيف مع القوى الزلزالية دون انهيار.
تُستخدم خرسانة “Reinforced Concrete” في العديد من الدول، بما في ذلك اليابان والولايات المتحدة.
الخشب والفولاذ “Wood and Steel”
يتميز كل من الخشب والفولاذ بمرونة عالية مقارنة بالمواد التقليدية مثل الطوب أو الخرسانة غير المسلحة. هذه المرونة تُساعد المباني على امتصاص وتوزيع القوى الزلزالية بشكل أفضل، مما يقلل من خطر الانهيار.
يُستخدم الخشب بشكل شائع في المناطق المعرضة للزلازل، مثل اليابان وتايوان.
الخرسانة القابلة للثني Engineered Cementitious Composite “ECC”
تُعرف أيضًا باسم “الخرسانة القابلة للثني”، وهي مادة مركبة تحتوي على ألياف بوليمرية تمنحها قدرة على التمدد والانحناء دون تشقق. تُستخدم ECC في تقوية الهياكل القائمة وفي بناء جسور ومباني مقاومة للزلازل، خاصة في الولايات المتحدة واليابان.
الملاط المقوى بالنسيج “TRM” Textile-Reinforced Mortar
TRM هو مادة مركبة تتكون من نسيج عالي القوة مدمج في ملاط إسمنتي. تُستخدم هذه المادة في تعزيز الهياكل القائمة، خاصةً في عمليات التحديث الزلزالي للمباني التاريخية أو القديمة، كما في إيطاليا وتركيا.
الخشب المصمم مسبقًا “Pres-Lam”
“Pres-Lam” هو نظام بناء يستخدم الخشب المصمم مسبقًا مع كابلات فولاذية غير مرتبطة لخلق اتصالات قوية بين العناصر الخشبية. يُوفر هذا النظام مرونة وقدرة على امتصاص الطاقة، مما يجعله مناسبًا للمباني في المناطق الزلزالية، مثل نيوزيلندا واليابان.
يستخدمون هذه المواد.. نماذج الدول الأكثر تعرضًا للزلازل
تُعد اليابان وتشيلي وتايوان من أبرز الدول التي طورت استراتيجيات فعّالة لمقاومة الزلازل، مستفيدة من تجاربها السابقة في مواجهة الكوارث الطبيعية. تتضمن هذه الاستراتيجيات استخدام مواد بناء مقاومة للزلازل، وتطبيق تقنيات متقدمة، وتحديث مستمر للمعايير الهندسية.
اليابان.. الريادة في الابتكار الزلزالي
تُعتبر اليابان نموذجًا عالميًا في تصميم المباني المقاومة للزلازل، حيث تعتمد على تقنيات مثل العزل الأساسي والتخميد الزلزالي. تُستخدم أنظمة العزل الأساسي، التي تفصل المبنى عن أساساته باستخدام وسائد مطاطية أو نوابض، لتقليل تأثير الهزات الأرضية على الهيكل.
كما تُطبق اليابان نظام “شينباشيرا” في بعض المباني، وهو عمود مركزي يساعد في توزيع القوى الزلزالية وتقليل الأضرار.
تشيلي.. تشريعات صارمة وهندسة متقدمة
تُطبق تشيلي لوائح بناء صارمة تُلزم المباني بتحمل زلازل تصل قوتها إلى 9.0 درجات، مع التركيز على استخدام الخرسانة المسلحة والفولاذ المرن. كما تُستخدم تقنيات مثل العزل الأساسي والتخميد الزلزالي في المباني الشاهقة، مما ساعد في تقليل الأضرار خلال الزلازل الكبيرة.
تايوان.. تحديثات مستمرة واستجابة فعّالة
منذ زلزال تشي-تشي عام 1999، عززت تايوان معايير البناء الزلزالي، مع التركيز على استخدام الخرسانة المسلحة بالصلب وتقنيات العزل الزلزالي. كما تُجري تايوان تدريبات دورية على الاستجابة للزلازل، وتستخدم أنظمة إنذار مبكر لتحذير السكان قبل وقوع الهزات الأرضية.
تُظهر هذه النماذج كيف يمكن للدول المعرضة للزلازل أن تبني مجتمعات أكثر أمانًا من خلال تبني تقنيات ومواد بناء مقاومة للزلازل، وتحديث التشريعات، وتعزيز ثقافة الاستعداد والاستجابة السريعة.
بين مخاوف واستلهام حلول مُستدامة
يُعَدّ قطع الأشجار الحرجية لأغراض التدفئة من أبرز التحديات البيئية التي تواجه العالم اليوم، حيث يُسهم بشكل مباشر في تدمير المواطن الطبيعية وفقدان التنوع البيولوجي. فالغابات تُعتبر موطنًا للعديد من الكائنات الحية، وإزالتها تؤدي إلى تهديد هذه الكائنات بالانقراض. كما أن الأشجار تلعب دورًا حيويًا في امتصاص ثاني أكسيد الكربون، وقطعها يُسهم في زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، مما يُسرّع من وتيرة التغير المناخي.
لكنن لمواجهة هذه التحديات، ظهرت حلول مستدامة تعتمد على التقنيات الحديثة والتشريعات البيئية. من أبرز هذه الحلول: إعادة التشجير باستخدام تقنيات مثل الطائرات بدون طيار لزراعة الأشجار في المناطق المتضررة، وتطبيق ممارسات إدارة الغابات المستدامة التي توازن بين استخدام الموارد والحفاظ على البيئة. كما تُسهم التشريعات البيئية الصارمة في الحد من قطع الأشجار غير القانوني، وتُعزز من جهود الحفاظ على الغابات.
ومع ذلك، هناك تخوفات من فقدان التنوع النباتي والطبيعة في الغابات، خاصةً مع استمرار الأنشطة البشرية غير المستدامة. لذا، يُعدّ التوجه نحو الحلول الذكية والمتكاملة، التي تجمع بين التكنولوجيا والتشريعات والتوعية المجتمعية، أمرًا ضروريًا للحفاظ على الغابات وضمان مستقبل بيئي مستدام.
نحو توأمة مع الطبيعة لا معاداتها
في الختام، يتضح أن استخدام مواد وتقنيات البناء المقاومة للزلازل لا يقتصر على حماية الأرواح والممتلكات فحسب، بل يُمثل خطوة نحو التعايش مع الطبيعة بدلاً من معاداتها. من خلال فهم القوى الطبيعية وتوظيفها في تصميم المباني، يمكننا بناء مجتمعات أكثر أمانًا واستدامة، قادرة على التكيف مع التحديات البيئية المستقبلية.