الأبنية الجاهزة – الرياض
كم عدد المرات التي ناقشتَ فيها مدى حرارة أو برودة مكتبك خلال الأشهر القليلة الماضية؟ فالعديد من العاملين في مكاتبهم يتفقون على أن أكبر معركة في المباني التجارية هي تلك التي تتعلق بـ”الترموستات”. ذلك أن الأمر يقتصر على تحمُّل الأشخاص للحرارة العالية والمنخفضة فقط، لكن أقسامًا مختلفة من المباني تكون فيها درجات حرارة مختلفة حسب تعرضها لأشعة الشمس والظل، كذلك عُمر وكفاءة نظام التدفئة والتهوية وتكييف الهواء بالمبنى. وحتى عندما يكون نظام التدفئة والتهوية وتكييف الهواء في أعلى شكل، فإن الحفاظ على درجة حرارة ثابتة بالمبنى يظلُ يمثل تحديًا ملحوظًا. وتعمل تقنية البناء الذكي والأتمتة على جعل التحكم اليدوي في التدفئة والتبريد في المبنى شيئًا من الماضي، وإن تبني العقارات التجارية لهذه التقنية يشكل مستقبل إدارة هذه المباني.
المدن الذكية تتطلب المباني الذكية
إن مدن المستقبل تقدم مجموعة واسعة من التقنيات الذكية، وهي تقنية شبكية تتحكم في جوانب النقل، وجودة الهواء، والمياه. ومن المتوقع أن يزداد عدد المدن الذكية في كافة أنحاء العالم، وهو ما يفسر – جزئيًا – اتجاه أعدادٍ متزايدةٍ من الأشخاص من المناطق الريفية إلى المدن. ويُتوقع أن تمثل أوروبا وأميركا الشمالية حوالي نصف المدن الذكية في العالم خلال السنوات العشر المقبلة.
لكن تحويل المدن إلى “مدن ذكية” يبدأ بالمباني الذكية. ففي المتوسط، تستهلك المباني حوالي 30٪ من الطاقة في العالم؛ ذلك أن تحسين إدارة الطاقة في هذه المباني سيقطع شوطًا طويلًا في اتجاه الحفاظ على الطاقة وتوفير الأموال في كل مكان. ويمكن ترقية أنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء لاكتشاف التغيرات الطارئة في الوقت ودرجة الحرارة والبيئة، ومن ثم الاستجابة لذلك، لكن يبقى هذا مجرد بداية.
“الأتمتة” المبنية على تقنية الاستشعار
يستخدم المبنى الذكي مجموعة من التقنيات لأتمتة إدارة المباني. أولاً، يقوم البرنامج المستخدم فيها بإدارة المتغيرات المختلفة لتشغيل المبنى، بما في ذلك درجة الحرارة والإضاءة. ثانيًا، يتم استخدام أدوات الاستشعار لاكتشاف التغييرات المتتابعة، مثل: ارتفاع وانخفاض درجة الحرارة، أو الحركة في غرفة ما، وكذلك إدخال هذه المعلومات إلى البرنامج، مع نشر أجهزة الاستشعار في كافة أنحاء المبنى، إذ يمكن لنظام إدارة المبنى أن يستهدف تغيرات درجة الحرارة والإضاءة فقط على الغرف التي تتطلب الضبط، بجانب ذلك يتم تعقب بيانات المبنى بشكل دوري حتى يتمكن البرنامج من ضبط تغييراته بما يتناسب مع إشغال المبنى أو التغييرات الموسمية.
ويمكن لمديري المباني الاستفادة من هذه التقنية لإدارة الإضاءة الخاصة بهم؛ إذ تحتوي المباني الكبيرة على العديد من الغُرف والأقسام التي لا تزال خالية، حتى خلال فترات النهار. ويمكن للنظام الآلي اكتشاف الأجزاء الشاغرة من المبنى وإطفاء الأنوار في تلك الغرف. وبالمثل، يمكن لهذه الأنظمة إجراء نفس التعديلات على درجة الحرارة بحيث لا يهدر مديرو المرافق طاقة التسخين أو التبريد بالأجزاء الشاغرة من مبانيهم. بجانب ذلك، يمكن برمجة الأنظمة حتى تأخذ بعين الاعتبار تفضيلات الإضاءة أو درجات الحرارة الشخصية، التي من شأنها أن تساعد على تجنب بعض الحُجَجِ التي يقوم بها العامل المختص حول درجة حرارة المكتب.
تقنية البناء الذكية باتت متاحة الآن
إن تقنية “أتمتة” البناء غير متطورة ولكنها ليست جديدة. فمنذ عقد من الزمان، تركز ما تمَّ بناؤه على مبنى ذكي على المباني الفردية والحلول التي أدت إلى خفض تكاليف التشغيل. لكن القيمة الآن زادت، وهو ما يرجع جزئيًا إلى التقدم في تقنية الاستشعار التي تساهم في ربط كافة الأجزاء عبر الإنترنت. وبفضل الأجهزة المتصلة بشبكة الإنترنت والتحليلات القوية التي يمكن استخدامها لزيادة الكفاءة، أدت هذه التقنية إلى فتح الباب أمام فرصٍ جديدةٍ لتحقيق الاستدامة والادخار.
يقول أحد ممثلي شركة “المباني الآلية” Automated Buildings، إن “مكاتبنا التقليدية تتغير وكذلك الأشخاص الذين يعملون فيها”، مضيفًا أن “ذلك يسهم في توفير فرصٍ جديدةٍ لإنشاء وتشغيل وصيانة مرافقنا، وهو ما يقودنا إلى تقديم أعمال جديدة ذات قيمة”.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات