Home تقارير التصميم التوليدي.. ثورة في عالم الهندسة المعمارية

التصميم التوليدي.. ثورة في عالم الهندسة المعمارية

by admin

أبنية – خاص
يعتمد التصميم التوليدي على تقنية مبتكرة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لإعادة تعريف طريقة تخطيط وتصميم المباني. بدلاً من الاعتماد على الأساليب التقليدية، يقوم التصميم التوليدي بتحليل مجموعات كبيرة من البيانات والمعايير المحددة لإنشاء خطط هندسية متعددة، مما يوفر للمهندسين المعماريين خيارات متنوعة تلبّي احتياجات مشاريعهم بشكل أكثر كفاءة وابتكارًا.

علام تعتمد هذه التقنيات؟
تعتمد هذه التقنية على إدخال مجموعة من الشروط والمحددات، مثل المساحة المتاحة، الميزانية، الهدف من البناء، عوامل الاستدامة، والجمالية المرغوبة. بناءً على هذه البيانات، يقوم الذكاء الاصطناعي بتوليد العديد من النماذج الهندسية التي تُراعي تلك المعايير. يمكن للمهندس المعماري مراجعة هذه النماذج، واختيار التصميم الأنسب، أو حتى دمج عدة عناصر من التصاميم المختلفة للحصول على نتيجة مثالية.

سمات التصميم التوليدي
يُعد التصميم التوليدي خطوة ثورية في عالم الهندسة المعمارية، لأنه يختصر الوقت اللازم لتطوير الأفكار الأولية، ويزيد من دقة النتائج. كما يسمح بابتكار تصاميم معقَّدة ومستدامة، قد تكون من الصعب تحقيقها بالطرق التقليدية.
1. توفير استهلاك الطاقة
يُمكن للذكاء الاصطناعي تحليل أنماط استخدام الطاقة داخل المباني، واقتراح تصاميم تقلل من استهلاكها من خلال تحسين العزل الحراري، واستخدام تقنيات متقدمة لتوليد الطاقة المتجددة.
2. حسين التهوية الطبيعية
يعتمد الذكاء الاصطناعي على دراسة تدفق الهواء حول المباني وداخلها لتصميم مسارات تهوية طبيعية فعّالة، مما يقلل الحاجة إلى استخدام أنظمة التكييف ويعزز الراحة الحرارية.
3. تحسين الإضاءة الطبيعية
يقترح الذكاء الاصطناعي تصاميم تتضمن توزيع النوافذ والزجاج بطرق مثالية تسمح بدخول الضوء الطبيعي، مما يقلل من استخدام الإضاءة الاصطناعية ويحسن جودة الحياة داخل المبنى.
4. الحفاظ على الجانب الجمالي
يُراعي الذكاء الاصطناعي التوازن بين الأداء الوظيفي والجمالي، مما يسمح بابتكار تصاميم عصرية تجمع بين الكفاءة البصرية والإبداع المعماري.

ماهية التصميم التوليدي
التصميم التوليدي”Generative Design” هو مفهوم تقني يعتمد على توظيف الخوارزميات والحسابات الرقمية لإنتاج حلول تصميمية مبتكرة ومخصصة. ينشأ مصطلح “التوليدي” من الكلمة اللاتينية “generativus”، والتي تعني “ينجب” أو “ينتج”. يعكس هذا المصطلح قدرة النظام على الإبداع والإنتاج من خلال تطبيق مجموعة من القواعد المحددة على بيانات الإدخال لإنتاج مخرجات متعددة. يتميز التصميم التوليدي بقدرته على محاكاة العمليات الطبيعية مثل التكيف والنمو، مما يتيح توليد أشكال معقدة وحلول مبتكرة يصعب الوصول إليها عبر أساليب التصميم التقليدية.
يعد التصميم التوليدي تطبيقًا للخوارزميات الحاسوبية لتوليد مجموعة من البدائل التصميمية بناءً على معايير معينة. الهدف الأساسي لهذه العملية هو استكشاف إمكانيات تصميمية جديدة وتحديد الحل الأمثل من بين الخيارات المتاحة. تعتبر هذه الطريقة أداة فعالة للمصممين لاستكشاف نطاق أوسع من الخيارات، مع الاستفادة من القدرة الحاسوبية لمعالجة كميات هائلة من البيانات والاختبارات.

والآن كيف يكون دور الخوارزميات؟
الخوارزميات هي القلب النابض لعملية التصميم التوليدي، فقبل التسعينات والتوجُّه نحو هذا الأمر يشغل العقول الباحثة بحس دراسة بعنوان Understanding and Automating Algorithm Design، تمَّ نشرها على صفحات دورية IEEE Transactions on Software Engineering، نوفمبر 1985، تُعرَّف الخوارزميات على أنها مجموعة من التعليمات أو القواعد التي تُنفذ بطريقة منظمة لحل مشكلة معينة أو تحقيق هدف معين. في السياق التصميمي، تعتمد الخوارزميات على تحليل المدخلات مثل المساحة، والقيود البيئية، والوظائف المطلوبة، لإنتاج مخرجات تصميمية تلبي هذه المتطلبات.
من جانبها – أيضًا – تمكِّن الخوارزميات المصممين من تجاوز القيود التقليدية من خلال توليد أشكال معقدة وتنظيمها بطرق فريدة تحاكي الأنماط الطبيعية. على سبيل المثال، يمكن استخدام الخوارزميات لإنشاء أنظمة هيكلية تحاكي الطبيعة في توزيع الأحمال أو تحقيق الكفاءة المادية. ومع ذلك، لا تقتصر وظيفة الخوارزميات على توليد الأشكال فحسب، بل تشمل أيضًا تحسين الأداء واستكشاف الحلول التي توازن بين الجمالية والوظيفية.

التصميم التوليدي والتصميم التقليدي.. مقارنة الأدوار
بحسب دراسة حول التصميم التوليدي ومراحل المعمار الجديد، جاءت الإشارة نحو دور المصمم المعماري الذي يتمثَّل في اختيار الأهداف والقيود التصميمية “Parameters” وتحديد القواعد الخوارزمية اللازمة لتوليد الحلول، ثم دراسة المخرجات التصميمية لتحديد الحل الأمثل. المصمم هنا مشرف (Curator) على العملية، مما يتيح له توجيه النظام الحاسوبي للتعامل مع المعايير والإبداع في إنتاج مجموعة واسعة من الحلول المعمارية. يُصبح المصمم مسؤولًا عن تقييم أداء كل حل واستكشاف الخيارات الممكنة، مما يعزز كفاءة العمل وجودة النتائج.
أما في التصميم التقليدي، فإن المصمم هو قائد العملية الإبداعية بالكامل، فيبدأ بدراسة المتطلبات المختلفة وتحليلها ليبتكر أفكارًا معمارية جديدة تجمع بين الجمالية والوظيفية. يتم ذلك من خلال التفكير الحدسي والتحليل اليدوي للوصول إلى التصميم النهائي. النظام الحاسوبي في هذه الحالة مجرد أداة مساعدة لتسهيل عملية الرسم والنمذجة، وتوثيق العمل بطريقة أسرع وأكثر كفاءة. العلاقة بين المصمم والنظام الحاسوبي في هذا الإطار توجيهية، حيث يقوم المصمم بإعطاء أوامر مباشرة للحاسب ليُنفذ المهام المطلوبة بدقة.
بحسب الدراسة المنشورة في مجلة Journal of Urban Research عام 2017، في الفرق الجوهري يكمن في أن التصميم التوليدي يركز على استغلال القدرات الحاسوبية لتوليد خيارات إبداعية متعددة، بينما يظل التصميم التقليدي معتمدًا على العقل البشري كالمصدر الرئيسي للإبداع.
نتائج محتملة تنبئ بمستقبل تصميم باهر
1. تنوع البدائل ومرونة الحلول
يوفر التصميم التوليدي مجموعة واسعة من الحلول التصميمية التي يمكن تقييمها وفقًا لمعايير محددة. بفضل قدرته على إنتاج أشكال فريدة وغير متكررة، يُمكن للتصميم التوليدي تقديم تصاميم مبتكرة تُلبي متطلبات المشاريع المختلفة. يتمثل أحد أبرز مميزاته في قدرته على التكيف مع التغيرات؛ حيث يمكن تعديل المدخلات أو القيود للحصول على نتائج جديدة ومتنوعة.
2. تعقيد الأشكال الهندسية
يُعد التصميم التوليدي أداة قوية لإنتاج أشكال هندسية معقدة مستوحاة من الطبيعة أو النظريات الرياضية. يمكن لهذه الأشكال أن تجمع بين الجماليات المعمارية والكفاءة الهيكلية، مما يجعلها جذابة من الناحية البصرية وعملية من الناحية الوظيفية. يعزز هذا النوع من التصاميم التكامل بين الفن والتكنولوجيا، مما يفتح آفاقًا جديدة للإبداع.
حتامًا، هذا النهج لا يقتصر فقط على المباني، بل يمتد ليشمل تصميم المدن الذكية والمرافق العامة؛ لتتطوَّر التقنيات الذكيَّة. لكن لا يجب إغفال النظر نحو تكلفة هذه التقنية، وضرورة تفعيلها بواسطة مُصمم بشري مُبدع ذي كفاءة وتدريب جيِّد؛ كي يتمكَّن من قيادة العملية البنائية نحو تحوُّلٍ جذريي سليم أداته تقانة ذكيَّة إدارته فكر رشيد.

You may also like

اترك تعليقك :