Home تقارير مدخل إلى الثورة الجوية في صناعة البناء.. كيفية استخدام الطائرات بدون طيار في مراقبة التقدم

مدخل إلى الثورة الجوية في صناعة البناء.. كيفية استخدام الطائرات بدون طيار في مراقبة التقدم

by admin

أبنية – خاص

في السنوات الأخيرة، أحدثت الطائرات بدون طيار (الدرونز) نقلة نوعية في قطاع البناء، من كونها أدوات تصوير جوي إلى أجهزة ذكية تقوم بمهام معقدة مثل المسح الطوبوغرافي، مراقبة التقدم، وإدارة الأمن في مواقع المشاريع. يُعد استخدام الدرونز جزءًا من منظومة التحول الرقمي في المقاولات، حيث تُمكّن فرق العمل من جمع بيانات دقيقة ومرئية في وقت قصير، ما يُحسن اتخاذ القرار، ويُعزز من كفاءة التنفيذ.

وظائف الدرونز في مواقع البناء: ما الذي تغير؟

  1. المسح الطوبوغرافي عالي الدقة: تُستخدم الطائرات بدون طيار المزودة بكاميرات ومسارات “GPS” دقيقة لإنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد للمواقع قبل البدء بالبناء. هذا يسمح بتقليل الاعتماد على الرفع المساحي التقليدي الذي قد يستغرق أيامًا. تُظهر تقارير شركة Propeller Aero أنّ استخدام الدرونز يمكن أن يُقلل من زمن المسح بنسبة تصل إلى 60%، ويُوفر بيانات أكثر دقة لتخطيط الأرضيات والأساسات.
  2. مراقبة التقدم والتحقق من الإنجاز: يمكن للدرونز القيام بجولات تصويرية دورية توثّق تطورات المشروع، مما يُسهّل مراقبة التقدم ومقارنته بالجدول الزمني. تُستخدم هذه البيانات في إعداد تقارير آنية للمستثمرين والمديرين، وتكشف عن أي تأخيرات محتملة في وقت مبكر.
  3. تعزيز السلامة وكشف المخاطر: من خلال التصوير الحراري والتحليل البصري، تُساعد الدرونز في رصد المشاكل الهيكلية أو المواقع الخطرة التي يصعب على الفرق الميدانية الوصول إليها، مما يحد من الحوادث ويُعزز بيئة العمل الآمنة.

التحديات التقنية والتنظيمية لاستخدام الدرونز

رغم المزايا الكبيرة التي توفرها الطائرات بدون طيار في قطاع البناء، إلا أن إدماجها يواجه تحديات تنظيمية معقدة، أبرزها القيود المفروضة بموجب قوانين الطيران المحلية. ففي العديد من الدول، يتطلب تشغيل الدرونز داخل المدن أو بالقرب من المرافق الحيوية الحصول على تصاريح مسبقة وشروط تشغيل صارمة تتعلق بارتفاع الطيران، ونطاق التغطية، وتدريب المشغّلين. هذا الأمر قد يُبطئ من وتيرة الاستخدام أو يحدّ من الفوائد المرجوة منها، خاصةً في المشاريع الواقعة ضمن مناطق حضرية مكتظة.

من جهة أخرى، يُشكّل حفظ الخصوصية تحديًا متزايدًا، لا سيما عند تنفيذ المشاريع بالقرب من أحياء سكنية أو منشآت أمنية، حيث يُثير وجود كاميرات الدرونز مخاوف قانونية تتعلق بالتصوير غير المصرح به. كما أن هذه الطائرات تُنتج كميات هائلة من البيانات المرئية والخرائط الجغرافية، ما يستدعي استخدام منصات تحليل ذكية ومتخصصة، مثل Pix4D وDroneDeploy. إدارة هذه البيانات وتحليلها بدقة يتطلب بنية تحتية رقمية قوية وكفاءات بشرية مؤهلة، وهو ما قد يشكل عائقًا أمام الشركات الصغيرة التي لا تمتلك الموارد الكافية للاستثمار في هذه التقنيات.

نماذج واقعية لشركات اعتمدت الدرونز بفعالية

اعتمدت شركات مقاولات رائدة على مستوى العالم تقنية الطائرات بدون طيار (الدرونز) كجزء أساسي من أدواتها التشغيلية لمراقبة المشاريع وتقييم الأداء الميداني. على سبيل المثال، شركة Bechtel الأمريكية استخدمت الدرونز في مشروع Hoover Dam Bypass، أحد أكبر مشاريع البنية التحتية في الولايات المتحدة، حيث ساهمت هذه التقنية في توثيق مراحل البناء بصريًا وتقييم أعمال الحفر والردم بدقة، مما أتاح مراقبة التطورات في الوقت الفعلي وتقديم تقارير تفصيلية للمهندسين والمستثمرين. هذه الآلية وفّرت الكثير من الوقت مقارنة بالطرق التقليدية، كما حسّنت من دقة القرارات الهندسية المتخذة في المراحل الحرجة.

في الشرق الأوسط، برزت مجموعة ALEC Engineering الإماراتية كواحدة من أوائل الشركات التي دمجت الدرونز في عملياتها الميدانية، حيث استعانت بها في مشاريع ضخمة مثل المتحف المصري الكبير بأبوظبي. تُستخدم الدرونز لتصوير الموقع من زوايا متعددة، مما يوفّر نماذج ثلاثية الأبعاد دقيقة تُستخدم في تحليل التقدم وتعديل التصميمات عند الحاجة. أما على المستوى الأوروبي، فقد استخدمت شركة Skanska السويدية الدرونز ضمن أنظمتها الخاصة بنمذجة معلومات البناء (BIM)، حيث يتم دمج لقطات الدرونز مع النموذج الرقمي للمشروع لمقارنة الواقع بالتصميم. هذه الخطوة تُسهّل اكتشاف الانحرافات مبكرًا، وتُسهم في تحسين جودة التنفيذ وتقليل معدلات إعادة العمل.

مستقبل الدرونز في قطاع البناء

يتوقع أن تتطور وظائف الدرونز لتشمل الذكاء الاصطناعي في تحليل الصور، والتكامل مع الروبوتات الأرضية لتقديم تصور رقمي حي لمواقع العمل. كما أن دمجها بأنظمة إدارة المشاريع والذكاء التنبؤي سيساهم في تقليل التأخير، وتحسين تخصيص الموارد، وزيادة دقة التقديرات.

وفي ظل التحول المستمر في أساليب البناء، يبدو أن السماء أصبحت جزءًا من ورشة العمل، حيث لم تعد الدرونز رفاهية تقنية، بل أداة استراتيجية لتسريع الإنجاز ورفع الكفاءة.

You may also like

اترك تعليقك :