أبنية – الرياض
هل تقف تبعات وباء فايروس كورونا الجديد (كوفيد 19) عند حدها الصحي، وتدابير الوقاية المشددة، والإغلاقات، وحرمان الطلاب من التعليم المنتظم؟ في بريطانيا، يمكن القول ببساطة: لا! فقد اتضح أمس (الإثنين)، أن آخر تجليات ما تسبب فيه الوباء العالمي أن إيجارات المساكن في لندن ارتفعت بشكل لا يطاق، ولا يمكن تصديقه. ووصل الأمر إلى درجة أن صحفا أمس تبارت في نشر تقارير تؤكد أن عشرات آلاف المستأجرين قرروا الرحيل من لندن إلى ضاحياتها، هرباً من ارتفاع إيجاراتها.
وطبقا لصحيفتي «فايننشال تايمز» و«ديلي ميل»، ووكالة بلومبيرغ؛ فإن 40% من مستأجري العقارات غادروا لندن. وقُدِّر عددهم بـ 90,370 شخصاً رحلوا من لندن خلال الشهور الـ 12 الماضية. وذكرت وكالة هامبتونز للتأجير العقاري، أن ذلك العدد يمثل ضعف عدد من غادروا العاصمة البريطانية منذ 2012.
واتجه معظم المغادرين إلى مدن وبلدات تقع خارج نطاق الطرق السريعة M25. وأشارت «ديلي ميل» إلى أن عدد المستأجرين الذين رحلوا من لندن خلال السنوات العشر الماضية بلغ 718 ألف شخص. وأضافت أن 62% منهم رحلوا ليستقروا في مساكن اشتروها خارج لندن خلال السنوات الأربع الماضية. ويعتقد بأن عدد ملاك العقارات في لندن يفوق عدد المستأجرين بنسبة 2 إلى 1%.
ومن العجب أن هذا الاتجاه إلى الخروج من لندن يمثل عكس التوجه الذي ساد خلال سنة 2021، حين غادر عدد أكبر من ملاك العقارات اللندنية إلى الضاحيات، للهروب من كآبة الإغلاق وتشديد التدابير الوقائية في أتون تفشي فايروس كورونا الجديد. وتوجهت الغالبية العظمى من المستأجرين إلى مناطق محادّة للعاصمة، خصوصاً مدينة تاندريدج، التي اختارها نحو 52% من المغادرين للندن؛ فيما توجه نحو 38% منهم إلى السهول الوسطى ومناطق شمال إنجلترا. وساعد على تشجيع هذه الهجرة إلى الريف شيوع نظام العمل من بُعد. وفضل غالبية المغادرين الاحتفاظ بوظائفهم في لندن. ومن كان حضوره إلى المكتب ضرورياً، بفضل أن يتنقل بالقطار أو السيارة يومياً من ضاحيته إلى لندن.
ومن أهم مميزات الإقامة خارج لندن أنه يمكن العثور على عقارات أوسع مساحة، يمكن استئجارها بكلفة أقل. وأشار تقرير لوكالة هامبتونز العقارية إلى أن نحو 68% ممن غادروا لندن نزحوا من الأحياء الأكثر افتقاراً للخدمات في لندن. وقال غالبية من غادروا لندن، إنهم انتقلوا إلى مساكن خارج لندن بإيجارات تقل بنحو 28% عما كانوا يدفعونه من إيجارات في لندن.
ويعكس الوجه الآخر لتقرير وكالة هامبتونز، أرقاماً مثيرة لارتفاع الإيجارات العقارية في لندن؛ إذ ارتفعت بنحو 8.3% في يناير 2023. وهو أعلى مستوى لزيادة الإيجارات منذ أن بدأت وكالة هامبتونز إصدار مؤشر الإيجارات في يناير 2014. والأكثر إثارة أن الإيجارات زادت زيادة كبيرة أيضاً في مناطق السهول الوسطى وشمال إنجلترا، بنسبة 11.2%. وأضحى متوسط أجرة المنزل في وسط لندن 2,141 جنيهاً إسترلينياً في يناير 2023. ولم يكن يزيد على 1,962 جنيهاً في يناير 2022. وكانت عقارات لندن ذات الغرفة الوحيدة الأسرع زيادة في إيجارها من المنازل الأوسع مساحة. فقد ارتفع إيجار الشقة ذات الغرفة الوحيدة بنسبة 11.3% خلال الشهور الـ 12 الماضية، في مقابل زيادة إيجار المنزل ذي الغرف الأربع بما لا يتجاوز 2.7%. وقال مدير مكتب عقاري في لندن، إن ارتفاع الإيجارات في لندن يدفع مزيداً من المستأجرين إلى الهروب من العاصمة، لمواجهة غلاء المعيشة، في ظل أجور لم تخضع لأية زيادة منذ سنوات. وأشار إلى أن لديه أسرة كانت تستأجر منزلاً بـ 3,900 جنيه شهرياً في حي ريتشموند اللندني. وقررت الانتقال إلى خارج لندن، حيث عثرت على منزل أوسع مساحة بـ 2,700 جنيه شهرياً.
وبما أن أسعار العقارات السكنية في لندن أضحى شراؤها صعباً جداً، نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة بالنسبة إلى الرهون العقارية، اكتشف كثيرون، أن استمرارهم كمستأجرين خارج لندن أفضل من بقائهم في العاصمة البريطانية. وذكرت صحيفة «فايننشال تايمز»، أن عدداً كبيراً من المستأجرين في لندن باتوا يواجهون احتمالات إخلائهم بالقوة من المساكن التي يستأجرونها، لأنهم لم يعودوا قادرين على دفع الإيجار المرتفع في موعده. وحذرت جمعيات رعاية المستأجرين من أن ارتفاع أسعار الإيجارات في لندن سيؤدي إلى زيادة كبيرة في عدد الذين لا يجدون مكاناً يسكنون فيه. ونقلت الصحيفة، عن طالبة جامعية في مدينة أدنبرة بأسكتلندا، أنها فوجئت بمالك العقار يخطرها بأنه قرر زيادة الإيجار بنسبة 35%. وأضافت، أنها على رغم بذلها جهداً كبيراً في التفاوض معه، وموافقته على زيادة الإيجار بنسبة 20%؛ فإنها مضطرة إلى خفض نفقات إعاشتها، خصوصاً الطعام، من شدة خوفها على عدم توفير الإيجار الجديد، ومن شدة الهموم والتوتر.
وأشارت الصحيفة إلى أن عودة من غادروا لندن في أتون الوباء العالمي، وعودة الطلبة الأجانب لبريطانيا أدتا إلى زيادة الطلب على العقارات القابلة للاستئجار. وذكرت وكالة فوكستونز العقارية في لندن، أن هناك عجزاً في عدد العقارات الجاهزة للاستئجار في لندن نسبته 40%، مقارنة بالسنة الماضية. وفي الوقت نفسه، يتعلل ملاك العقارات اللندنية بأن القيمة الحقيقية لعقاراتهم تتضاءل، بسبب الضرائب المرتفعة، وارتفاع أسعار الفائدة. لكن الصحيفة تقول، إن الأدلة على ما يقوله ملاك عقارات لندن ليست كافية.
أعلنت السلطات الإسبانية، أمس الأول، أن متوسط إيجار المساكن في إسبانيا ارتفع خلال يناير الماضي بنسبة 9.1%، وهو أعلى معدل منذ سبتمبر 2020، خصوصاً في أكبر مدينتين في البلاد، هما مدريد وبرشلونة. وأضافت، أن الإيجارات العقارية ارتفعت في برشلونة خلال يناير 2023 وحده بنسبة 25%؛ فيما زاد الإيجارات في العاصمة مدريد خلال الشهر نفسه بنحو 12%، مقارنة بالشهر نفسه من سنة 2022. وارتفع متوسط إيجار المتر المربع في أنحاء إسبانيا إلى 11.6 يورو، في حين وصل إيجار المتر المربع في مدريد إلى 16.5 يورو، وإلى 19.6 يورو في برشلونة، كما سجلت أسعار الإيجارات في المدن الأخرى، خصوصاً ملقا، زيادة مماثلة.
بريطانيا تهدر مليار جنيه في دواء «فاشل» !
ذكرت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية، أمس، أن الحكومة أهدرت مليار جنيه إسترليني في الإنفاق على دواء مضاد لكوفيد 19 ثبت فشله الذريع في صد الوباء العالمي. وأضافت، أن الأطباء لم يصرفوا من عقار مولنوبيرافير، الذي اشترته وزارة الصحة البريطانية، سوى أقل من 2% من 2.23 مليون عبوة اقتنتها بريطانيا بنحو مليار جنيه، من أموال دافعي الضرائب.
وقالت الصحيفة، إن من المحتمل ألا يتم استخدام ما بقي من كميات هذا العقار بعدما أثبتت الأبحاث أنه عجز عن منع التنويم، وعن تقليص احتمالات وفاة المصابين بكوفيد 19. ويعد عقار مولنوبيرافير أعلى تكلفة من نظائره المضادة لكوفيد 19؛ إذ تكلف الكمية الكافية منه لوصفة العلاج نحو 450 جنيهاً إسترلينياً.
وكان وزير الصحة البريطاني السابق ساجد جاويد، أعلن في خريف 2021 شراء 2.23 عبوة من عقار ملنوفيرابير، واصفاً بأنه «سيغير قواعد اللعبة» ضد الوباء العالمي. ولم يصفه أطباء بريطانيا لمرضاهم إلا بحدود 13 ألف عبوة علاجية. ولا يزال 98% من الكميات التي اشترتها بريطانيا قابعة في مستودعات الوزارة. وتقول الشرطة الصانعة لهذا الدواء، إن فترة صلاحية العبوة منه تبلغ 30 شهراً. وبما أنه تم شراؤه في نهاية 2021، فذلك يعني أن صلاحيته ستنتهي بحلول منتصف سنة 2024. وجندت جامعة أكسفورد أكثر من 25 متطوعاً لتجربة مولنوفيرابير. وخلص باحثوها إلى أنه دواء ليس منه أي نفع. وأشار تحقيق أجرته «التلغراف» إلى أن الحكومة البريطانية سارعت لشراء تلك الكمية الكبيرة من مولنوفيرابير بناء على بيانات تجربة سريرية في الولايات المتحدة لم يزد عدد متطوعيها على 762 شخصاً. وأشارت بيانات أخرى إلى أن تناول مولنوفيرابير تسبب في تنويم 25% من المصابين الذين تعاطوه. وأظهرت التجربة الأخيرة، أن فعاليته في منع تنويم المصابين بالمستشفيات لا تتجاوز 30%، بحسب دراسة نشرتها مجلة اتحاد أطباء بريطانيا.