تأتي موافقة مجلس الوزراء على نظام المساهمات العقارية وبدأ نفاذه في شهر نوفمبر المقبل، خطوة في المسار وعلى الاتجاه الصحيح، كونها تَهدف إلى تنظيم نشاط المساهمات العقارية على وجه الخصوص وإلى استقرار واستدامة القطاع العقاري بالمملكة على وجه العموم.
تَضمن النظام على 38 مادة موزعة على سبعة فصول رئيسة، هَدِفت إلى تنظيم المساهمات العقارية من خلال حوكمة تعاملات المساهمات العقارية، ليشمل ذلك شروط الترخيص وكيفية تحديد رأس مال وتقسيم الحصص وتوزيعها وآلية الاشتراك. كما وشمل النظام تحديد المسؤوليات المرتبطة بالنواحي الإدارية للمساهمات سواء كانت تلك المرتبطة بالمساهم أو تلك التي لها ارتباط بالجهات الحكومية وكذلك التي لها علاقة بإدارة الأصول المالية للمساهمة.
ومن بين أبرز ما تضمنه النظام بالفصل الخامس، المواد المنظمة لـ”انقضاء المساهمة العقارية” وآلية بيعها وإقفالها، فيما تضمن الفصل السادس آلية ضبط ما يقع من مخالفات وأحكام للنظام والعقوبات المترتبة عليه والتي تتفاوت وفقاً لدرجة المخالفة، حيث تبدأ بالإنذار وتتدرج لإيقاف الترخيص أو إلغائه وفرض غرامات قد تصل إلى عشرة ملايين ريال، ومنع المرخص له أو مدير المساهمة العقارية من القيام مستقبلاً بأي عمل يرتبط بالمساهمات العقارية لمدة تصل إلى عشر سنوات. كما وقد تصل العقوبة ببعض المخالفات إلى السجن لمدة تصل لثلاث سنوات.
دون أدنى شك أن نظام المساهمات العقارية، سيحدث نقلة نوعية في التعاملات المرتبطة بالقطاع العقاري عموماً والمرتبطة بالمساهمات العقارية خصوصاً، وبالذات وأن النظام عندما تم تصميمه أخذ بالحسبان، أن نشاط المساهمات العقارية بالمملكة، نشاط كان يمارس منذ وقت طويل جداً، حيث كانت نقطة البداية والانطلاقة لنشاط المساهمات العقارية بالمملكة في عام 1360 عندما عَمد عدد من التجار لجمع ( قيمة مالية محددة ) من بعض الراغبين في استثمار أموالهم لشراء المزارع والأراضي المحيطة بمدينة الرياض ثم تقسيمها إلى قطع سكنية ومن ثم بيعها وتقاسم أرابحها حسب الحصص المتفق عليها.
ولكن بالرغم من قِدم نشاط المساهمات العقارية وعدم وجود نظام متكامل ولائحة تنفيذية تَحكم وتحوكم التعاملات، تعرضت العديد من المساهمات للتعثر وتسببت في ضياع أموال المستثمرين، حيث تشير معلومات إلى أن إجمالي عدد المساهمات العقارية المتعثرة في السعودية بلغ 656 مساهمة، في حين بلغت قيمتها بإحدى السنوات أربع مليارات ريال.
إن تحديد مدة لانقضاء أو إقفال المساهمة ورد المبالغ للمستثمرين، ُيعد تحول نوعي في أسلوب إقفال المساهمات وإنهائها، وهذا بدوره سيحل مشكلة المدة المفتوحة للمساهمات التي كانت بالماضي، مما سيُمكن المستثمرين من استرداد واستعادة أموالهم ومبالغ استثماراتهم في وقت وزمن محدد وبشكل أفضل من السابق.
إن إيجاد نظام للمساهمات العقارية، سيعزز من اكتمال منظومة الاستراتيجية الشاملة الوطنية للقطاع العقاري التي اعتمدت في عام 2020، وبُنيت على أربع ركائز رئيسة هي: حوكمة القطاع العقاري، وتمكين واستدامة القطاع العقاري، والتحسين من فاعلية السوق، والتحسين من خدمة الشركاء.
إن اللافت للانتباه في نظام المساهمات العقارية، هو الرفع من مستوى الشفافيـــة والإفصـــاح إلى جانب بطبيعة الحال تطبيق مبادئ الحوكمة، وتنظيم المساهمات محاسبياً ومالياً بشكل قانوني، بما في ذلك أتمتة جميع الإجـــراءات المرتبطة بطرح المساهمــــات حتى إنهائهــــا وإقفالها، والذي بدوره سيعزز من ثقة المستثمرين وسيوفر للمطورين العقاريين قنوات موثوقة للتمويل.
وبصدور اللائحــة التنفيذيــة لنظــام المســاهمــات العقاريــة خلال الـ120 يوما، والتي ستتضمن الأحكام والنصوص الإجرائية للأحكام الواردة في النظام، سوف تتحدد المســـؤوليات والالتزامـــات مع هيئة السوق المالية، بما في ذلك الإجراءات والاشتراطات اللازمة لممارسة نشاط المساهمات العقارية، مما سيحقق المزيد من الوضوح والشفافية للنظام، بما في ذلك المتعاملين مع النظام بكافة تعريفاتهم وعلاقتهم بالمساهمة العقارية.
أخلص القول؛ بأن نظام المساهمات العقارية الذي طال انتظار صدوره، سيضع أسس متينة وسيصنع بنية قوية للتعاملات العقارية، وبالذات المرتبطة بالمساهمات العقارية، سيما وأن من بين المتطلبات أن يكون المرخص له مطور عقاري مؤهـــل ومصنف ومرخـــص من الهيئـــة العامـــة للعقـــار لممارســـة نشـــاط المساهمات العقارية، وفتح حساب بنكي للمساهمة وتعيين محاسب قانوني واستشاري هندسي لكل مساهمة عقارية.
المصدر: الرياض